غذاء ومناخ-يوسف أحمد:
يترقب الكثير من المصريين افتتاح سلسلة حلويات بلبن المصرية الشهيرة، التي أثارت جدلًا واسعًا مؤخراً حول سلامة الغذاء، ما أدى إلى إغلاق العديد من فروعها مؤقتًا في كل من السعودية ومصر. وجاءت هذه الإغلاقات على خلفية بلاغات عن حالات تسمم غذائي، وما تلاها من تحقيقات كشفت عن مخالفات صحية خطيرة.
في أواخر مارس/آذار 2025، أمرت السلطات الصحية السعودية بإغلاق جميع فروع بلبن في المملكة؛ بعد أن أبلغ أكثر من 26 شخصًاعن أعراض تسمم غذائي، شملت الغثيان والقيء وآلامًا شديدة في المعدة.
ووُجدت هذه الحالات مرتبطة بمنتجات من فروع بلبن. واستجابةً لذلك، أجرت فرق التفتيش زيارات مفاجئة لجميع فروع “بلبن” في الرياض، مما أدى إلى إغلاقها بالكامل. وصادرت السلطات عينات من الطعام لتحليلها مختبريًا، كما علقت خدمات التوصيل من تطبيقات مثل “جاهز”.
وبدأت الهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية، بالتنسيق مع وزارة الصحة وأمانة منطقة الرياض، تحقيقًا شاملًا في الحادثة. واستهدف التحقيق تقييم مكونات الأغذية المستخدمة في المخازن، وطرق الحفظ والتبريد والنقل والتخزين، إضافة إلى سلاسل التوريد والمصادر الخارجية. كما فحصت السلطات السجلات الصحية للعاملين، وممارسات النظافة والتعقيم، وفقًا للعديد من التقارير التي اطلعت عليها منصة “غذاء ومناخ“.
عمليات تفتيش في فروع بلبن في مصر
بعد وقوع الحوادث في المملكة العربية السعودية بوقت قصير، شرعت الهيئة القومية لسلامة الغذاء في مصر(نفسا) في سلسلة من عمليات التفتيش في منافذ بيع بلبن في البلاد.
وكشفت عمليات التفتيش عن مخالفات صحية خطيرة. وفي بيان لها، ذكرت الهيئة أن عينات غذائية جُمعت من أكثر من 47 منفذًا في جميع أنحاء البلاد جاءت نتائج فحوصاتها إيجابية لبكتيريا مرتبطة عادةً بالتسمم الغذائي.
كما أفادت الهيئة باستخدام ملونات غذائية محظورة، ومكونات فاسدة أو غير صالحة للاستخدام، وعدم امتثال واسع النطاق للوائح سلامة الأغذية.
وجاء في البيان: “تؤثر هذه البكتيريا بشكل رئيس في الجهاز الهضمي، وتُعد سببًا رئيسًا للأمراض المنقولة بالغذاء”. وأظهرت بعض العينات أيضًا علامات تلف بسبب سوء التخزين، مما استدعى مصادرة المنتجات غير الآمنة وتعليق العمليات فورًا في المواقع المتضررة. ونتيجةً لذلك، أُغلق أكثر من 100 فرع لشركة بلبن مؤقتًا.
وكان للإغلاقات تأثيرٌ كبير في عمليات الشركة، مما أدى إلى توقفها التام عن العمل وتأثر حوالي 25 ألف موظف. واستجابةً للأزمة، أصدرت بلبن بيانًا أعربت فيه عن قلقها إزاء هذا الوضع غير المسبوق، وناشدت الجهات المعنية تقديم الدعم.
ورغم أن بلبن لم تُشر مباشرةً إلى نتائج الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء، إلا أنها أقرت في بيان لها بأن “أي كيان يعمل بهذا الحجم قد يرتكب أخطاء”، وأعربت عن استعدادها “لمراجعة ممارساتها وتصحيحها وتطويرها”.
ووصفت الشركة إغلاقها بأنه ضربةٌ لريادة الأعمال الوطنية، قائلةً: “نحن نموذجٌ يُثبت قدرة مصر على تصدير العلامات التجارية الاستثمارية الناجحة”، وفق “إم إس إن“.
اهتمام رئاسي
استجاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بسرعة للوضع، وأمر بعقد اجتماع عاجل مع الجهات المعنية لمعالجة أزمة بلبن. وبناءً على التوجيه الرئاسي، التقى نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة والسكان المصري، خالد عبد الغفار، برئيس الهيئة القومية لسلامة الغذاء؛ لمناقشة آليات مراقبة المنتجات الغذائية والمنشآت المشاركة في توزيعها. وأكد الاجتماع على ضرورة تطبيق الإجراءات التصحيحية على وجه السرعة لحماية الصحة العامة.
وفي ضوء عمليات الإغلاق والتحقيقات اللاحقة، جددت شركة بلبن التزامها بمعالجة أي أوجه قصور بشفافية وضمان الامتثال الكامل للوائح السلامة. وأعربت الشركة عن امتنانها للرئيس السيسي على استجابته السريعة، وأكدت أنها تلقت دعوة لعقد اجتماع عاجل مع الجهات المعنية لضمان الامتثال الكامل للوائح السلامة ومعايير التشغيل في جميع أنحاء السوق المصرية.
وفي 25 أبريل/نيسان 2025، أعلنت شركة بلبن عن إعادة فتح جميع فروعها ومصانعها في مصر قريبًا؛ تحت الإشراف المباشر للجهات المعنية. وأفادت الشركة بإجراء زيارات ميدانية لتقديم الملاحظات والإرشادات التصحيحية، وذلك في إطار استيفاء جميع متطلبات السلامة، تمهيدًا لاستئناف العمل بكامل طاقته.، لكنها لم تعلن الموعد بدقة.
وشركة “بلبن” مملوكة لمؤمن عادل، الذي تصدّر اسمه عناوين الصحف مؤخرًا. وقد أكد في لقاءات تلفزيونية أنه مصري من الإسكندرية، نافيًا شائعات أنه سوري. بدأ مسيرته المهنية بعد تخرجه من كلية الطب البيطري، لكنه قرر الابتعاد عن مجال دراسته والاتجاه إلى ريادة الأعمال.
بدأ مشروعه كمحل حلويات صغير، قبل أن يتحول سريعًا إلى سلسلة واسعة الانتشار تحت اسم “بلبن”، والتي حظيت بشعبية كبيرة بين المصريين. توسع مؤمن عادل خارج مصر، ليفتتح فروعًا في المملكة العربية السعودية وعدد من الدول العربية الأخرى، ليصبح من أبرز الأسماء في قطاع الأغذية والحلويات في المنطقة.
كما أسس علامات تجارية شهيرة أخرى، منها “كرم الشام”، و”بهيج”، و”وهمي”، إضافة إلى سلسلة “عم شلتت”.
يُذكر أن كثير من الخبراء يحذرون من منتجات بلبن، ليس كونها تحتوي على مواد تسبب التسمم الغذائي، ولكن مكوناتها التي تعتمد على استخدام السكر والدهون بكثافة، ما يؤدي إلى انتشار أمراض مزمنة مثل السكري وإصابات القلب.
