الطقس المتطرف يرفع أسعار الغذاء فورًا ولاحقًا (دراسة)

غذاء ومناخ

للطقس المتطرف آثار فورية وطويلة الأمد في أسعار الغذاء وإنتاجه، لأنه قد يُدمر المحاصيل المزروعة، ويؤثر في الغلة، بل ويُضعف سلاسل الإمداد الغذائي.

تُحلل دراسة حديثة 16 مثالاً على ارتفاع أسعار المواد الغذائية بعد مدة من الطقس المتطرف خلال المدة 2022-2024.

ثم يُقيّم الباحثون مدى غرابة ظواهر الحرارة الشديدة والجفاف وهطول الأمطار مقارنةً ببيانات المناخ التاريخية.

وتُشير الدراسة إلى أن العديد من الظواهر، “كانت شديدة لدرجة أنها تجاوزت تمامًا جميع السوابق التاريخية قبل عام 2020”.

ومن الآثار المرتبطة غالبًا بتغير المناخ ارتفاع تكلفة الغذاء. فقد تذبذبت أسعار كل شيء، من زيت الزيتون إلى البيض، ومن الشوكولاتة إلى الأرز، في أجزاء كثيرة من العالم في السنوات الأخيرة.

نُشرت الدراسة في مجلة “إنفيرومينتال ريسيرش” للمدة  1940-2024، ومؤشر التبخر والنتح القياسي لهطول الأمطار للمدة 1901-2023، إضافة إلى تقارير من مجموعة من وسائل الإعلام وبيانات أسعار الغذاء من الحكومات والهيئات الصناعية، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.

الحرارة الشديدة وتأثيرها في أسعار الغذاء

يوضح زميل ما بعد الدكتوراه في مركز برشلونة للحوسبة الفائقة والمؤلف الرئيس للدراسة الحديثة، الدكتور ماكسيميليان كوتز، أن بعض الأمثلة تتضمن أنواعًا متعددة من الطقس المتطرف، مثل الحرارة الشديدة والجفاف. لكن الباحثين اختاروا الحالة المتطرفة الأقرب إلى ارتفاع أسعار الغذاء.

صرح كوتز لموقع “كاربون بريف” أن فريق البحث اختار دراسات حالة “بارزة”، حيث “كانت الآثار واضحة جدًا… لدرجة أنك لا تحتاج إلى تحليل إحصائي كمي شامل لرصدها. يمكن للناس على أرض الواقع أن يروا أن هذا هو ما يحدث”.

وقال إن موجة الحر التي ضربت آسيا العام الماضي، كانت مثالاً “ملفتاً” بشكل خاص، مضيفاً: “ما يثير الاهتمام هناك هو مدى انتشار تلك الحرارة الاستثنائية، ومدى انتشار هذه التأثيرات [على أسعار الغذاء] بشكل أساسي مع نهاية الصيف الماضي.

وفال: “الهند، والصين، وكوريا الجنوبية، واليابان، وفيتنام – جميع هذه الدول شهدت حرارة استثنائية… وجميعها لديها وثائق تثبت هذه التأثيرات، إلى حد ما.”

يشير مؤلفو الدراسة إلى أنه في حين أن ظاهرة النينيو في عامي  2022 و2023، “لعبت على الأرجح دوراً في تفاقم عدد من هذه الظواهر المتطرفة”، فإن ازدياد شدة وتواتر هذه الأحداث “يتماشى مع الآثار المتوقعة والمرصودة لتغير المناخ”.

ملفوف كوريا الجنوبية وأرز اليابان

أجرى باحثون آخرون تحليلات إسناد سريعة لتقييم دور تغير المناخ في عدد من الأحداث المشمولة في الدراسة، مثل هطول الأمطار الشتوية في المملكة المتحدة عام 2023، وفيضانات باكستان والجفاف في إثيوبيا في 2022 .

في المملكة المتحدة، لا يزال تضخم أسعار المواد الغذائية يرتفع، حيث أرجع تجار التجزئة جزئيًا “تأثير الطقس الحار على غلة المحاصيل”، وفقًا لصحيفة الغارديان.

تشير الإحصاءات الحكومية إلى أن الحرارة الشديدة في شرق آسيا في 2024 أسهمت في ارتفاع تكلفة الملفوف في كوريا الجنوبية بنسبة 70% والأرز في اليابان بنسبة 48% من سبتمبر/أيلول 2023 إلى الشهر نفسه من 2024.

كما أسهمت الحرارة نفسها أيضًا في ارتفاع أسعار الخضراوات في الصين بنسبة 30% بين يونيو/حزيران وأغسطس/آب 2024.

وكانت الصين وكوريا الجنوبية واليابان من بين العديد من الدول التي شهدت عام 2024 الأكثر حرارة على الإطلاق.

في الولايات المتحدة، وجد الباحثون أن الجفاف “غير المسبوق” في كاليفورنيا وأريزونا خلال عام 2022 ساهم في زيادة أسعار الخضراوات بنسبة 80% بين نوفمبر/تشرين الثاني 2021 والشهر نفسه من 2022.

أدى الجفاف في جنوب أوروبا خلال 2022-2023 إلى ارتفاع أسعار زيت الزيتون بنسبة 50% في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي من يناير/كانون الثاني 2023 إلى الشهر نفسه من 2024. تُعد إسبانيا أكبر منتج لزيت الزيتون في العالم، تليها إيطاليا، وكلاهما تضررتا بشدة من الجفاف.

كان الكاكاو سلعة أخرى شهدت أسعارها ارتفاعًا حادًا عالميًا خلال العامين الماضيين. ويُعزى ذلك، وفقًا للدراسة، إلى عدة عوامل، منها الأحوال الجوية المتطرفة في غانا وساحل العاج، حيث يُزرع أكثر من 60% من الكاكاو في العالم.

شهدت أجزاء عديدة من هذين البلدين الواقعين في غرب أفريقيا درجات حرارة “غير مسبوقة” وصلت إلى 50 درجة مئوية في فبراير/شباط  2024، عقب “جفاف طويل الأمد” في عام 2023.

ووفقًا لتحليل أجرته مجموعة “وورلد وذر أتريبيتوشن”، ارتفعت درجات الحرارة “الخطيرة” والرطبة في فبراير بنحو 4 درجات مئوية بسبب تغير المناخ.

وتتناول الدراسة أيضًا ارتفاع أسعار البن بعد موجة الحر الشديد في فيتنام عام 2024 وجفاف عام 2023 في البرازيل.

وقال كوتز إن أبرز أمثلة ارتفاع الأسعار كانت في سلع مثل الكاكاو والبن، وهي سلع متوفرة عالميًا، ولكن يجري إنتاجها في مناطق مركزة، مما يفتح الباب أمام “احتمالية تقلبات أكبر” في حال حدوث تقلبات جوية شديدة.

وخلصت دراسة أجراها كوتز وباحثون في البنك المركزي الأوروبي عام 2024 إلى أن ارتفاع درجات الحرارة أدى إلى زيادة تضخم أسعار الغذاء “بشكل مستمر” لمدة 12 شهرًا بعد التقلبات الجوية الشديدة في كل من البلدان ذات الدخل المرتفع والمنخفض.