
غذاء ومناخ
يُتيح الاقتصاد الأزرق فرصةً تحويليةً لجزر القمر، حيث يُعدّ توسيع مصائد الأسماك والسياحة البحرية والحفاظ على البيئة، إلى جانب البنية التحتية والضمانات البيئية، عواملَ أساسيةً لتحقيق هذه الإمكانات، وفقًا للبنك الدولي.
يُقدّم الإصدار الأول من “تحديث اقتصاد جزر القمر”، بعنوان “محيطٌ من الفرص: الاقتصاد الأزرق كمحركٍ للنمو المستدام”، أحدث الاتجاهات الاقتصادية والتوقعات متوسطة الأجل. ويستكشف قسم التركيز في التقرير كيف يُمكن للاقتصاد الأزرق أن يُحفّز النمو، ويخلق فرص عمل، ويحمي النظم البيئية مع ضمان استدامة الموارد على المدى الطويل.
ويشهد الاقتصاد نموًا، لكنه لا يزال غير كافٍ للحد من الفقر وعدم المساواة المستمرين. ففي عام 2024، نما اقتصاد جزر القمر بشكل متواضع من 3% إلى 3.4%، مدفوعًا باستهلاك الأسر والخدمات، وبدعمٍ من ارتفاع التحويلات المالية وتراجع التضخم.
كما توسّع قطاعا الزراعة والصناعة، لكن دخل الفرد ظلّ ثابتًا، وظلّت مستويات الفقر مرتفعة. وتعرّضت المالية العامة لضغوط. استقرت الإيرادات عند 16.6% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما ارتفع الإنفاق بشكل حاد بسبب المشروعات الضخمة الممولة خارجيًا، ما أدى إلى اتساع العجز المالي من 1.3% إلى 3.9%.
ولا تزال التحويلات المالية، التي بلغت في المتوسط 11.3% من الناتج المحلي الإجمالي على مدى العقد الماضي، مصدرًا حيويًا لدخل الأسرة، لكنها لا تستطيع تعويض الاختلالات التجارية أو تمويل التنمية، وفقًا للتقرير الذي اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.
تحرير واردات الأرز
على الرغم من توقعات النمو الإيجابية، تواجه جزر القمر مخاطر اقتصادية كلية مستمرة وتحديات تنموية هيكلية.
ومن المتوقع أن تحافظ جزر القمر على نمو مطرد بين عامي 2025 و2027، مدفوعًا بالاستهلاك الخاص والاستثمار العام، لا سيما في البنية التحتية والتحضيرات لدورة ألعاب جزر المحيط الهندي 2027، وفقًا للبنك الدولي.

ومن المتوقع أن ينخفض التضخم، مدعومًا بإصلاحات مثل تحرير واردات الأرز.
ومع ذلك، لا تزال البلاد تواجه تحديات اقتصادية كلية، مثل الاعتماد الكبير على الواردات، ومحدودية تنويع الصادرات، واستمرار الضغوط التضخمية.
وقد يفتح الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية أسواقًا جديدة، ولكنه قد يقلل من عائدات التجارة في غياب سياسات تكميلية. كما أن تغير المناخ والكوارث الطبيعية والتقلبات العالمية تُهدد الاستقرار بشكل أكبر.
ويوفر الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية فرصًا لتنويع الصادرات، لا سيما في قطاعي مصايد الأسماك والزراعة، ولكن يجب دعمه باستثمارات في الخدمات اللوجستية التجارية والبنية التحتية عالية الجودة.
كما أن إصلاحات القطاع المالي ضرورية لمعالجة ارتفاع القروض المتعثرة وتوسيع نطاق الشمول المالي. وسيكون تحسين الحوكمة، وتعزيز الرقابة على الشركات المملوكة للدولة، وتعزيز اللامركزية، إلى جانب تقوية أنظمة مكافحة الفساد والقضاء، أمرًا ضروريًا لتحسين تقديم الخدمات وبناء ثقة المستثمرين.
النمو من خلال الاقتصاد الأزرق
وفقًا للبنك الدولي، يمكن لجزر القمر أن تُحفّز النمو الشامل من خلال إطلاق العنان لاقتصادها الأزرق من خلال الإصلاحات والاستثمار والاستدامة.
وتمتلك جزر القمر إمكانات هائلة غير مستغلة في رأس مالها الطبيعي، لا سيما في مجالي مصائد الأسماك والسياحة البحرية.
تكافح البلاد لترجمة ثروتها السمكية المرتفعة للفرد إلى نمو اقتصادي بسبب ضعف بنيتها التحتية، وممارساتها القديمة، ومحدودية فرص الوصول إلى الأسواق.
ويمكن لاستراتيجية اقتصاد أزرق مُنفّذة جيدًا، ومرتكزة على إصلاحات الحوكمة، والاستثمار في البنية التحتية، والمحافظة على البيئة، أن ترفع نمو الناتج المحلي الإجمالي وتدعم هدف البلاد المتمثل في الوصول إلى شريحة الدخل المتوسط المرتفع بحلول عام 2050.

ويتماشى هذا مع أهداف خطة جزر القمر الناشئة 2030، التي تُعطي الأولوية للإدارة المستدامة للموارد والقدرة على التكيف مع تغير المناخ. وتشمل الأولويات الرئيسية تحديث مصائد الأسماك، وتوسيع نطاق تربية الأحياء المائية، وتحسين البنية التحتية للموانئ والطاقة، وتعزيز الشمول المالي، لا سيما للنساء والمشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.
وستكون الحوكمة القوية، والتخطيط المكاني البحري، والابتكار الرقمي عوامل أساسية لإدارة الموارد بشكل مستدام. ومن خلال مواءمة تنمية رأس المال البشري، والقدرة على التكيف مع تغير المناخ، والتمويل الشامل مع أهداف الاقتصاد الأزرق، يمكن لجزر القمر أن تدفع عجلة النمو الشامل والمستدام على المدى الطويل.