ضريبة الكربون الأوروبية تُربك صناعة الأسمدة المصرية

غذاء ومناخ

تُربك ضريبة الكربون الأوروبية (آلية تعديل حدود الكربون- سيبام) صناعة الأسمدة المصرية، مع توقعات بأنه ستكون الخاسر الأكبر جراء تطبيقها، بدءًا من يناير/كانون الثاني 2026، إذ من المتوقع أن تؤثر سلبًا في صادرات القاهرة إلى بروكسل.

وكشف مؤتمر هذا الأسبوع، استضافته الهيئة العامة للاستثمار في القاهرة، تحت عنوان: “تطوير مصانع الأسمدة والالتزام بقواعد الاتحاد الأوروبي ونشر المعايير الخاصة بآلية حدود الكربون (سي بام)”، عن حجم الارتباك في هذه الصناعة.

وعبّر عن هذا الارتباك العديد من المشاركين في المؤتمر من القطاع الخاص وممثلي الحكومة على حد سواء، إذ لا يتضح طرق التنفيذ، أو الخسائر المتوقعة بدقة.

ويأتي ذلك رغم بدء بعض الشركات إرسال تقارير إلى الاتحاد الأوروبي منذ مطلع العام الجاري 2025، بشأن نسب الانبعاثات في منتجاتهم، في إطار تطبيق ضريبة الكربون (آلية حدود الكربون) المرتقب، وكشرط لعمليات التصدير هذا العام، وفق أحد المسؤولين في الشركات لمنصة “غذاء ومناخ“، التي حضر ممثلها المؤتمر.

صادرات الأسمدة أكبر المتضررين من ضريبة الكربون الأوروبية

قالت نائبة رئيس هيئة الاستثمار والمناطق الحرة في مصر، دكتورة داليا الهواري، خلال المؤتمر،  إن الهيئة تنظم مؤتمرات مرتبطة بالاستدامة البيئية؛ تستهدف القطاع الخاص للتعامل مع التداعيات المترتبة علي تطبيق  آليه  تعديل حدود الكربون (CBAM) ، وما تفرضه من متطلبات جديدة من القطاع الخاص من مصنعين ومصدرين قد يمتد تأثيرها إلى الآلاف من الشركات المصرية في القطاعات المتأثرة بالآلية وخاصة في القطاعات كثيفة الانبعاثات وفي مقدمتها الأسمدة، والحديد والصلب، والألمونيوم، والأسمنت.

مصنع أسمدة في مصر

وتمثل صادرات مصر إلى الاتحاد الأوروبي من المنتجات المشمولة في ضريبة الكربون ما نسبته 6.94% من إجمالي الصادرات، و21.8% من صادرات مصر إلى الاتحاد الأوروبي.

كما تستحوذ صادرات الأسمدة إلى الاتحاد الأوروبي على 46% من إجمالي قيمة صادرات الأسمدة المصرية.

وعرضت مستشارة و وزير الصناعة للتنمية المستدامة، الدكتورة نرمين أبو العطا، لنتائج دراسة في هذا الشأن، كشفت عن سيناريو أسوأ، ستبلغ فيه تكلفة ضريبة الكربون على 4 صناعات مصرية 28 مليار دولار خلال 10 سنوات، وأفضل ستبلغ فيه 7.3 مليار دولار في المدة ذاتها.

وقالت أبو العطا إن صناعة الأسمدة المصرية ستكون أكبر الضحايا، خاصة بعد اكتسابها مساحات أكبر من السوق الأوربية عقب قيام حرب روسيا وأوكرانيا في 2022، وصعوبة وصول المنتجات الروسية إلى الأسواق بسبب العقوبات الغربية.

وأوضحت الدراسة أن دول أفريقيا ستكون الأكثر تضررا من باقي أنحاء العالم من ضريبة الكربون الأوروبية، إذ من المتوقع أن تنخفض صادرات القارة إلى أوروبا بنسبة 7%، والناتج المحلي جراء ذلك بنسبة 12%، وستهبط صادرات الأسمدة بنسبة 7%.

وأكدت أبو العطا على عدم وضوح كيفية حساب تلك الضريبة حتى الآن، مشيرة إلى أن مصر أصبحت عضوًا في اللجنة الأوروبية الدولية لضريبة الكربون، ما يمكنها من الاطلاع على التطورات المختلفة.

فرصة لحماية البيئة

قال رئيس غرفة الصناعات الكيماوية، الدكتور شريف الجبلي، مصر تأتي  في المرتبة الثانية بعد روسيا من حيث حجم صادرات الأسمدة إلى السوق الأوروبي.

وأوضح الجبلي – خلال المؤتمر- أن ضريبة الكربون الأوروبية تفرض تحديات تتطلب ضرورة التحرك العاجل من قبل كل الجهات المعنية لطرح الحلول العملية للتعامل مع تداعيات الآلية.

وأضاف أن محللين عدة توقعوا أن تتراوح تكلفة تطبيق الآلية على صادرات الأسمدة المصرية بين 5% و20%، وأن سعر طن ثاني أكسيد الكربون من الانبعاثات سيبلغ 50 يورو.

وكشف عن عدم وضوح الرؤية بالنسبة لقياس انبعاثات الكربون، إذ سيكون مطلوب من كل مُصّدر توضيح الانبعاثات في كل شحنة، ما يعني تفاصيل كثيرة ومعقدة قد تُربك حركة الصادرات.

 ودعا الجبلي إلى ضرورة البدء في  إجراء تقييم فني وشامل يتسم بالدقة لكل مصنع من مصانع الأسمدة في مصر، لتحديد الموقف الحالي لكل منشأة، وتحديد جاهزيتها للامتثال لمتطلبات آلية تعديل الكربون (CBAM) لضمان استمرار النفاذ التنافسي للأسواق الخارجية.

الصورة من إنديا شيبينغ نيوز

ورغم مخاوف الصناعة وترقب الحكومة لما قد يسفر عنه تطبيق ضريبة الكربون الأوروبية، فإن رئيسة الادارة المركزية لحماية وتحسين الصناعة والطاقة في جهاز شئون البيئة، الدكتورة أحلام فاروق، عبرت عن سعادتها بهذه الآلية وتطبيقها، لأنها تمثل فرصة للبيئة المصرية في استعادة صحتها وحيويتها، بعد عقود من تلوث المصانع الذي أدى إلى تضررها.

وقالت: “منذ عام 2000 ونحن نحاول دفع المصانع، خاصة الأسمدة، إلى الالتزام بحماية البيئة دون جدوى، لكن الآن ستجبرهم هذه الضريبة لتنفيذ إجراءات حماية البيئة”.

وحثت فاروق صناعة الأسمدة المصرية على التحول إلى الاعتماد على الطاقة الخضراء في الإنتاج بدلًا من الوقود الأحفوري.

اقرأ أيضاً

  • أكتوبر 24, 2025
  • 92 views
الملقحات الحيوية مُهددة بجدار ترمب على الحدود بين أميركا والمكسيك

غذاء ومناخ حذر دعاة حماية البيئة من التوسع المخطط له للجدار الذي تموله الحكومة الفيدرالية على الحدود بين أميركا والمكسيك، والذي بُنيت أجزاء منه خلال إدارة دونالد ترمب الأولى، إذ…

Read more

  • أغسطس 27, 2025
  • 184 views
85% من حرائق الغابات اندلعت في أفريقيا خلال عقدين.. وتجزئة الأراضي الزراعية تخفض المساحات المحترقة

غذاء ومناخ أسهمت تجزئة الأراضي الزراعية الأفريقية في تقليص المساحات المحروقة على مدى العقدين الماضيين، على الرغم من أنها استحوذت على 85% من حرائق الغابات خلال هذه السنوات، وفقًا لـ…

Read more

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *