غذاء ومناخ
يتجاوز حجم هدر الغذاء في جنوب أفريقيا 10 ملايين طن سنويَا، وهي كميات تُفقد قبل أن تصل إلى موائد المستهلكين، لأسباب عريبة، فما هي؟
وتشير المعلومات إلى أن هذا الهدر يحدث بسبب التخلص من الأغذية في المزارع أو من قِبل المصنّعين لأسباب جمالية أو مشكلات لوجستية.
ويُسهم هذا الهدر، الذي يسبق الاستهلاك، بشكل مباشر في تغير المناخ من خلال الطاقة والموارد المستخدمة في إنتاجه، بالإضافة إلى غاز الميثان المُنبعث عند تحلله في مكبات النفايات، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.
ومع ذلك، لم يُعالج مشروع المساهمة الوطنية المحددة الثانية لجنوب أفريقيا – وهو أحدث خطة مناخية مقترحة للبلاد مُقدمة بموجب اتفاقية باريس – مسألة فقد وهدر الغذاء بشكل مُحدد.
يُمثل هذا الإغفال فجوةً حرجةً وفرصةً ضائعةً “للاستفادة من حلٍّ قويٍّ ومُثبت” يُعالج تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، واستنزاف الموارد، وانعدام الأمن الغذائي في آنٍ واحد، وفقًا لمنظمة “فود فوروارد جنوب أفريقيا”، وهي منظمة غير ربحية تُعنى بإعادة توزيع الغذاء.
ومنعت المنظمة انبعاثات حوالي 113,152 طنًا من غازات الاحتباس الحراري العام الماضي من خلال استعادة فائض الغذاء وإعادة توزيعه، باستخدام نموذجها الخاص ببنوك الغذاء.
وصرح المدير الإداري، آندي دو بليسيس، قائلًا: “إن استعادة فائض الغذاء الصالح للتناول والمغذي وإعادة توزيعه في الوقت المناسب على المجتمعات التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي يُقلل الانبعاثات في الوقت نفسه”.
مسودة المساهمات الوطنية المحددة الثانية
في 30 يوليو/تموز 2025، أصدرت وزارة الغابات ومصايد الأسماك والبيئة مسودة المساهمات الوطنية المحددة الثانية، والتي تحدد التزامات جنوب أفريقيا المناخية للسنوات من 2026 إلى 2030 ومن 2031 إلى 2035.
واختتمت الوزارة المشاورات العامة يوم الجمعة 29 أغسطس/آب 2025، وبعد موافقة مجلس الوزراء، ستُقدم الخطة المحدثة قبل مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ كوب 30 لعام 2025 في البرازيل، والذي ينعقد خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني.
ويدعو المدير الإداري لمنظمة “فود فوروارد جنوب أفريقيا”، دو بليسيس، إلى تضمين أهداف واضحة وقابلة للقياس لفقدان وهدر الغذاء في المساهمات الوطنية المحددة النهائية.
وقال: “نظرًا للآثار المتصاعدة لتغير المناخ، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي، وسوء التغذية الحاد، وارتفاع معدلات البطالة، فإننا ندعو الوزارة إلى أن تكون أكثر طموحًا”.
وحدد “فرصة سياسية ثلاثية” لا يمكن لجنوب أفريقيا “تجاهلها”.
الأولى هي تسريع تخفيف انبعاثات الميثان، فمن خلال استهداف فاقد وهدر الغذاء، يمكن للبلاد وضع أهداف لتحويل النفايات العضوية عن مكبات النفايات، مما يقلل بشكل مباشر من انبعاثات الميثان ويسهم بشكل كبير في تحقيق أهدافها المناخية.
الثانية هي أنظمة غذائية مُعززة وأكثر مرونة.
وقال: “إن التركيز الوطني على فقد وهدر الغذاء يشجع الكفاءة والابتكار على امتداد سلسلة الإمداد الغذائي بأكملها، من المزرعة إلى المستهلك، مما يعزز أنظمة غذائية أكثر استدامة ومتانة وأكثر جاهزية لمواجهة الصدمات المستقبلية”.
والثالثة هي تعزيز الأمن الغذائي والتغذية، فمن خلال إعطاء الأولوية لاستعادة وإعادة توزيع فائض الغذاء الصالح للتناول، يمكن للمساهمة المحددة وطنيًا دعم الجهود المبذولة لمكافحة أزمة الجوع في جنوب أفريقيا، وضمان أن تُغذّي الموارد القيّمة الناس بدلًا من مكبات النفايات.
الانبعاثات بسبب هدر الغذاء
تكشف أرقام رسمية صادمة، أنه في عام 2024 وحده، توفي 15 ألف طفل بسبب سوء التغذية، بينما يعاني 1.7 مليون طفل من سوء التغذية، ويعاني 20 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، وفقًا للأرقام الرسمية.
وعالميًا، يُعدّ هدر الغذاء مسؤولًا عن 8-10% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ونحو 12% من انبعاثات الميثان.
على الرغم من أن الوزارة أصدرت مسودة سياستها الأولى بشأن فقد وهدر الغذاء في عام 2023، إلا أن دو بليسيس قال إنه لم يرَ النسخة الثانية بعد.
وأضاف: “الآن، وبالنظر إلى أن الوزارة مُكلفة بالتأكد من وجود سياسة للحد من فقد وهدر الغذاء، فلماذا لا تُدرج ذلك في المساهمات المحددة وطنيًا – وهي أسهل ما يُمكننا تحقيقه؟”
وأقرّ بأن الوزارة قد تُعطي الأولوية للطاقة والمياه لسهولة جذب التمويل الدولي للمناخ.
وقال: “لكن قضيتي هنا هي أن لدينا مشكلة كبيرة تتعلق بالبطالة وعدم المساواة وسوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي.. يمكننا حل قضايا المناخ وتلك القضايا بعصا واحدة.”
