غذاء ومناخ
لا يرغب أحد في شراء لحوم الأبقار الأميركية، في حين يتزايد إقبال المستهلكين في واشنطن على المنتجات الأسترالية، ما دفع الأسعار العالمية إلى مستويات قياسية في يوليو/تموز الماضي.
بلغ متوسط مؤشر منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لأسعار اللحوم 127.3 نقطة في يوليو/تموز الماضي، بزيادة شهرية 1.2%، وسنوية 6%، مسجلًا بذلك أعلى مستوى له على الإطلاق.
وقالت المنظمة إن هذا الارتفاع يرجع بنسبة كبيرة إلى زيادة أسعار لحوم الأبقار والأغنام، إلى جانب زيادة طفيفة في أسعار لحوم الدواجن، بينما انخفضت أسعار لحوم الخنزير.
وبلغت أسعار لحوم الأبقار العالمية مستوى قياسيًا جديدًا، مدعومة بارتفاع أسعارها في أستراليا، بسبب الطلب القوي على الواردات، خاصةً من الصين وأميركا، والذي تجاوز إمدادات التصدير المتاحة.
كما أسهم الطلب العالمي القوي في ارتفاع الأسعار في البرازيل، في المقابل، انخفضت أسعار لحوم الخنزير، ويعزى ذلك أساسًا إلى هبوط عروض الأسعار في الاتحاد الأوروبي، حيث تزامنت وفرة الإمدادات المحلية مع ضعف الإقبال العالمي على الشراء، وفقًا للبيان الذي تلقته منصة “غذاء ومناخ” يوم الجمعة.
مرض جنون البقر
في أبريل/نيسان 2025، لم يفرض دونالد ترمب أي رسوم خاصة على أستراليا تتجاوز التعريفة الجمركية الأساسية البالغة 10% على السلع المصدرة إلى الولايات المتحدة.
إلا أن ترمب خص بالذكر قطاع لحوم البقر الأسترالي في خطابه الذي سبق إعلانه عن التعريفات الجمركية. وقال: “أستراليا تحظر – وهم أشخاص رائعون – لكنهم يحظرون لحوم الأبقار الأميركية”.
وأضاف أن الولايات المتحدة استوردت لحوم أبقار أسترالية بقيمة 3 مليارات دولار “في العام الماضي”. ثم انتقد قواعد الأمن الحيوي الأسترالية التي تُقيّد استيراد لحوم الأبقار الأميركية.
وتابع: “لن يقبلوا أيًا من لحومنا. إنهم لا يريدونها لأنهم لا يريدون أن تؤثر في مزارعيهم، وكما تعلمون، لا ألومهم، لكننا نفعل الشيء نفسه الآن”، وفقًا لصحيفة “الغارديان“.
كما انتقدت إدارته المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لفرضهما قيودًا “غير علمية” على استيراد لحوم الأبقار الأميركية، وأيضًا الأرجنتين لحظرها تصدير الماشية الأميركية الحية.

واستغل ترمب حظر الاستيراد هذا كجزء من مبرراته لفرض تعريفات تجارية جديدة.
وهناك أسباب مختلفة لعدم استيراد أستراليا والأرجنتين والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بعض منتجات لحوم الأبقار الأميركية.
وترتبط هذه الأسباب بمرض جنون البقر، كما يستخدم قطاع تربية الماشية الأميركي هرمونات النمو أحيانًا لزيادة إنتاج اللحوم والحليب.
حظر استيراد لحوم الأبقار الأميركية يعود إلى 2003
بالنسبة لأستراليا والأرجنتين، يعود تاريخ القيود المفروضة على لحوم الأبقار الأميركية إلى عام 2003 عندما اكتشاف مرض جنون البقر في واشنطن.
ويمكن أن يُصاب البشر بهذا المرض عند تناولهم لحومًا ملوثة بمرض جنون البقر، الذي تسبب في وفاة 233 شخصًا في أنحاء العالم؛ بعد تناولهم لحومًا ملوثة بهذا المرض.
ونجحت السلطات الصحية الأميركية في الحد من انتشار مرض جنون البقر بين الماشية بشكل كافٍ، ما أدى إلى رفع الحظر على صادرات لحوم البقر إلى أستراليا في عام 2019، لكن لا تزال الواردات الأميركية مقيدة إذا لم تستوفِ قوانين الأمن الحيوي الأسترالية الصارمة.
ولكي يُسمح بدخول لحوم الأبقار الأميركية إلى أستراليا، يجب على مزارعي الماشية إثبات أن ماشيتهم تُربى وتُذبح بالكامل في الولايات المتحدة.
ورفعت الأرجنتين حظرها المتعلق بمرض جنون البقر على منتجات لحوم الأبقار الأميركية في 2018، لكنها أبقت على القيود المفروضة على استيراد الماشية الحية حتى يُنهي البلدان إصدار “شهادة صحية” جديدة.

وقيّد الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة واردات لحوم الأبقار الأميركية منذ 1989 بسبب استعمال مربي الماشية –أحيانًا- هرمونات النمو لزيادة إنتاج اللحوم والحليب. ويستورد الاتحاد الأوروبي لحوم البقر غير المعالجة بالهرمونات من الولايات المتحدة.
ويستخدم مزارعو الألبان والماشية الأميركيون بشكل روتيني هرمونات مثل الإستراديول 17 بيتا والتستوستيرون لتعزيز نمو أسرع وتحسين كفاءة الأعلاف.
ويستند مبرر الاتحاد الأوروبي للحظر، والذي تُصر عليه المملكة المتحدة أيضًا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى تقييم علمي خاص به يُظهر أن تناول هرمونات النمو يوميًا قد يكون له آثار صحية سلبية، بما في ذلك أدلة على أن الإستراديول 17 بيتا يمكن أن يُسبب نمو الأورام السرطانية.
وعارضت صناعة الماشية الأميركية قيود الاتحاد الأوروبي، مؤكدةً أن اختبارات سلامة الأغذية في الولايات المتحدة لا تُظهر أي خطر على صحة البالغين.
[ومع ذلك]، يرى الأوروبيون أن السكان بأكملهم لا يقتصرون على البالغين الأصحاء فحسب، بل يشملون أيضًا الرضع والأطفال وكبار السن وضعاف المناعة،” كما صرّح خبير سياسات الغذاء والعلوم في جامعة ساسكس بالمملكة المتحدة، إريك ميلستون.
كما انتقدت الولايات المتحدة حظر الاتحاد الأوروبي استيراد الدواجن الأميركية المُنظفة بالكلور.
ويغسل مزارعو الدواجن الأميركيون لحوم الدواجن بمحاليل الكلور للقضاء على البكتيريا الضارة مثل بكتيريا العطيفة، التي تُسبب التسمم الغذائي عادةً، وفق “دويتش فيله“.


