غذاء ومناخ
يُمثل توفير وقود الطهي النظيف في أفريقيا تحديًا، وهدف صعب المنال، حيث يتطلب توفيره مليارات الدولارات، في وقت يعاني معظم سكان القارة من صعوبة الوصول إليه، وتقضي النساء 4 ساعات يوميًا في جمع الحطب اللازم للطهي، وفقًا لتقرير حديث صادر عن وكالة الطاقة الدولية.
ففي حين انخفض عدد الأشخاص الذين لا يحصلون على وقود طهي نظيفة إلى النصف عالميًا منذ عام 2010، إلا أن هذا العدد في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يواصل الارتفاع، ما يضر بالصحة والتنمية الاقتصادية والبيئة، ويسهم في 815 ألف حالة وفاة مبكرة سنويًا، وإزالة الغابات على نطاق واسع.
ويقدم تقرير “الوصول الشامل إلى وقود الطهي النظيف في أفريقيا: تحديث للتقدم وخارطة طريق للتنفيذ”، الصادر عن وكالة الطاقة الدولية، صورةً مُحدثةً عن الوضع الراهن، وأين تحرز الجهود تقدمًا، وأين لا تزال هناك حاجة إلى إجراءات عاجلة، وفقًا للتقرير الذي اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.
متطلبات توفير وقود الطهي النظيف في أفريقيا
يتطلب تحقيق الوصول الشامل إلى وقود الطهي النظيف في أفريقيا إجمالي استثمارات قيمته 37 مليار دولار حتى عام 2040، أي ما يعادل نحو ملياري دولار سنويًا، وفقًا لخريطة الطريق التي وضعتها وكالة الطاقة الدولي، في أحدث تقرير لها.
وترى الوكالة أنه سيأتي 60% من الطاقة اللازمة للمنازل المتصلة حديثًا من غاز البترول المسال، والباقي من الكهرباء والإيثانول الحيوي والغاز الحيوي ومواقد الطهي المتطورة التي تعمل بالكتلة الحيوية.
وستتمكن المناطق الحضرية من الوصول شبه الكامل إلى خدمات الطهي النظيف بحلول عام 2035، بينما سيتوسع نطاق الوصول إلى خدمات الطهي النظيف في المناطق الريفية باطراد خلال ثلاثينيات القرن الـ 21، في حال حصول البلدان على الدعم اللازم من المجتمع الدولي.

وقال المدير التنفيذي للوكالة، فاتح بيرول: “يقدم التقرير خارطة طريق واضحة وقائمة على البيانات لكل منزل في جميع أنحاء أفريقيا للوصول إلى خدمات الطهي النظيف”.
وأضاف قائلاً: “يمكن حل هذه المشكلة باستخدام التقنيات المتاحة، وستُكلف أقل من 0.1% من إجمالي استثمارات الطاقة عالميًا. لكن تحقيق ذلك يتطلب تركيزًا أكبر وتنسيقًا في العمل من قِبل الحكومات وقطاع الطاقة وشركاء التنمية”.
ويتتبع تقرير وكالة الطاقة الدولية أيضًا نتائج قمة الطهي النظيف في أفريقيا، التي عُقدت في مايو/أيار 2024 في باريس، والتي حشدت أكثر من 2.2 مليار دولار من التزامات القطاعين العام والخاص. ووفقًا للتقرير، فقد صُرف أكثر من 470 مليون دولار من هذه الالتزامات.
ليس ترفًا
قالت رئيسة تنزانيا، سامية سولوهو حسن: “الطهي النظيف ليس ترفًا. إنه قضية تمس كل أسرة يوميًا”.
وأضافت: “إن إعلان دار السلام الصادر عن الاتحاد الأفريقي بشأن الطهي النظيف، والذي وقّعه في وقت سابق من هذا العام 30 رئيس دولة من جميع أنحاء أفريقيا، والذي اعتمدته جمعية الاتحاد الأفريقي في فبراير/شباط 2024، هو إشارة واضحة على التزامنا بجعل الوصول إلى الطاقة والطهي النظيف أولوية وطنية وقارية”.
عقب قمة الطهي النظيف في أفريقيا، قامت 10 حكومات من أصل 12 حكومة أفريقية شاركت في القمة بسن أو تنفيذ سياسات جديدة للطهي النظيف.
شهدت تنزانيا وكينيا أكبر زيادة في تغطية السياسات منذ عام 2024. وذكر تقرير وكالة الطاقة الدولية، أن غانا وكينيا ونيجيريا وملاوي وموزمبيق وتنزانيا وأوغندا وزيمبابوي هي دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى التي تتمتع بأوسع تغطية لسياسات الطهي النظيف الرئيسية.
وشملت هذه السياسات برامج حكومية تدعم أنواع وقود الطهي النظيف مثل غاز النفط المسال، وحوافز ضريبية للتحول إلى الطهي النظيف، وبرامج توزيع مواقد الطهي، وغيرها.
وبالنسبة لما يقارب من ثلثي سكان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، لا تزال القدرة على تحمل التكاليف تشكل عائقًا رئيسًا، حيث سيحتاجون إلى إنفاق أكثر من 10% من دخلهم لتبني حلول الطهي النظيف. ويتطلب جعل الطهي النظيف في متناول السكان المحرومين اهتمامًا خاصًا من الحكومات وتركيزًا على السياسات.
ويقدر تقرير وكالة الطاقة الدولية أن عدد الوفيات المبكرة في أفريقيا يبلغ 815 ألف حالة، وأن تحسين الوصول إلى الطهي النظيف سيحسن حياة النساء بشكل كبير.

كما تقضي النساء ما يصل إلى 4 ساعات يوميًا في جمع الوقود للطهي، بما في ذلك الحطب. كان من الممكن قضاء هذا الوقت في أنشطة اقتصادية مربحة أو في الراحة والترفيه، وفقًا لـ “هيلثي بوليسي واتش“، نقلًا عن تقرير الوكالة.
ومع ذلك يشير التعداد الوطني للسكان والمساكن لعام 2024 في أوغندا أيضًا إلى أن 3.8% فقط من الأسر تستخدم وقودًا نظيفًا للطهي، بينما تعتمد معظم الأسر والمؤسسات بشكل كبير على الخشب والفحم لإعداد وجبات الطعام.
ويُسهم هذان النوعان من الوقود بشكل رئيس في ظاهرة الاحتباس الحراري. وقد قُطعت مساحات كبيرة من الغابات على مر السنين لتوفير الخشب والفحم، مما ألحق أضرارًا بالغة بالبيئة.
وتفقد أوغندا 122 ألف هكتار من الغطاء الحرجي سنويًا، وفقًا لوزارة المياه والبيئة. وتُعدّ الغابات مهمة في التخفيف من آثار تغير المناخ، إذ تمتص الأشجار ثاني أكسيد الكربون الضار، وفق تقرير “إم إس إن“.


