
غذاء ومناخ
أصبح صيد التونة في موزمبيق ممكنًا، بعد تدشين مشروع تجريبي يعمل على نشر مواد تجذب الأسماك ناحية الشواطئ، ما يسّهل صيدها.
وقام مشروع تجريبي، أطلقته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بالتعاون مع وزارة الزراعة والبيئة ومصايد الأسماك في موزمبيق، بتركيب 8 أجهزة لتجميع الأسماك، مثبتة لخدمة 4 مجتمعات محلية في مقاطعة كابو ديلغادو؛ شمال البلاد.
وتتكون الأجهزة من كتل خرسانية لتثبيتها ومجموعة من السلاسل والعوامات ومواد التجميع، تجذب الأسماك، مّا يسهل صيد أسماك التونة في موزمبيق، وفق تقرير تلقته منصة “غذاء ومناخ“.
وبالنسبة إلى المشروع المنفذ في كابو ديلغادو، فإن مكونات التجميع لهذه الأجهزة مصنوعة من مواد عضوية مستدامة، مثل السعف والحبال المصنوعة من أشجار جوز الهند.
وهذه الطريقة ناجحة لأنّ الكائنات الحية الدقيقة أو الطحالب تلتصق بمادة التجميع. فالأسماك الأصغر حجمًا تتغذّى عليها، وهي بدورها تجذب الأسماك الأكبر حجمًا. وفي البيئات الاستوائية، يؤدي الظل الذي توفره هذه الأجهزة إلى جذب الأسماك أيضًا.
حياة الصيادين تتغير
تغيرت حياة الصيادين بعد تمكنهم من صيد التونة في موزمبيق، الدولة الأفريقية المُطلة على المحيط الهندي، بساحل يمتد بطول ألفي كيلومتر تقريبًا.

ويخفي جمال اللون الأزرق للمياه التي تتدفق برفق على الشواطئ النقية في مقاطعة كابو ديلغادو في موزمبيق؛ الصعوبة التي يواجهها الصيادون المحليون في كسب لقمة عيشهم منه.
ومن هؤلاء ماريو صديق، البالغ من العمر 52 عامًا وأب لـ 12 طفلًا من منطقة ميكوفي الساحلية، الذي قال إنه يصطاد السمك لإعالة عائلته، ولكن في بعض الأحيان يكون من الصعب الصيد، أو يكون الطقس سيئًا للغاية “بحيث لا يمكنني الخروج إلى البحر. ولتكملة ما يلزم من إمدادات غذائية ودخل لعائلتي، أعمل قليلًا في الزراعة أيضًا”.
وكانت رحلات صديق لصيد السمك شاقة. فقد كان يجدف بقاربه التقليدي 3 مرات أسبوعيًا لمدة ساعتين للوصول إلى مياه عميقة حيث كان يمضي الليل يصطاد أسماك التونة وغيرها من أسماك المياه العميقة، وغالبًا ما كان لا يعود إلّا في عصر اليوم التالي.
ورغم ما كان يبذله من جهد ضخم، فالمصيد كان قليلًا في كثير من الأحيان، ويرجع ذلك من جهة إلى معدات الصيد غير المناسبة، ومن جهة أخرى إلى تناقص الأرصدة السمكية بالقرب من الشاطئ.
وفي الأيام غير المواتية، كان يعود في بعض الأحيان ومعه بالكاد كيلوغرام واحد من السمك، وهو ما لا يكفي لإطعام أسرته، ناهيك عن بيعه.
وكانت طبيعة المياه التي يتعذر التنبؤ بها تجبره على تغيير مواقع الصيد باستمرار، معتمدًا فقط على غريزة الصياد وطالعه.
أجهزة تسهل صيد التونة في موزمبيق
سهل مشروع نفذته الفاو صيد أسماك التونة في موزمبيق، بتركيب أجهزة في المياه. وقال جون لانسلي، موظف مسؤول عن قطاع مصايد الأسماك في الفاو: “لقد كانت الفكرة وراء تركيب هذه الأجهزة هي تمكين صغار الصيادين من الوصول إلى أرصدة التونة الوفيرة في عرض البحر، إذ أن ضغط الصيد مرتفع للغاية في المياه القريبة من الشاطئ”.
وفي إطار هذا المشروع، درّبت المنظمة أخصائيين فنيين وصيادين وطنيين على بناء هذه الأجهزة واستخدامها. كما تعلّم 16 صيادًا أساليب جديدة لصيد الأسماك باستخدام هذه الأجهزة. وزُوّد الصيادون بمعدات أساسية، بما في ذلك خيوط وصنّارات وطُعُومٌ.

وبفضل الدعم المالي المقدّم من الوكالة النرويجية للتعاون الإنمائي، أسفر المشروع عن زيادة كميات المصيد، وارتفاع الدخل، وتقليص الوقت المستغرق في البحر.
وساعدت أجهزة تجميع الأسماك المثبتة البسيطة ماريو صديق وغيره من الصيادين بالصيد في موقع مستقر، وقلّصت رحلاته وزادت بشكل كبير من مصيده، الذي قفز من 1-5 كيلوغرام في كل رحلة إلى نحو 20 كيلوغرامًا في المتوسط، ممّا زاد من دخله بشكل كبير. وفي يوم جيد، يمكنه كسب ما يصل إلى 000 3 ميتيكال موزامبيقي (47 دولارًا أميركيًا) من رحلة واحدة.
ورغم استمرار وجود تحديات كأحوال الطقس القصوى، مثل إعصار شيدو الذي ضرب المنطقة في ديسمبر/كانون الأول 2024، فإن الصيادين في وضع أفضل للتعافي من هذه الصدمات.
كما أنّ أسماك التونة الكبيرة التي يستطيع الصيادون اصطيادها الآن تحظى بقيمة كبيرة، خاصةً من قِبل المطاعم والفنادق في عاصمة المقاطعة، بيمبا، ويسهم هذا المصيد في تحسين الاستقرار الاقتصادي لمجتمع الصيادين وتحسين تغذيتهم.
وتستعد المنظمة، في إطار مشروع جديد في عام 2025، لتركيب المزيد من هذه الأجهزة وتوزيع 100 مجموعة معدات على الصيادين المحليين.