
غذاء ومناخ
انتهت الحرب العسكرية بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، بإعلان اتفاق وقف إطلاق النار، لكن يبدو أن حرب الفستق الأميركية الإيرانية الطويلة ستواصل زخمها.
ظلت إيران أكبر منتج ومصدر للفستق في العالم لسنوات طويلة، لكن في عام 2009، تجاوزتها الولايات المتحدة بسبب الجفاف ونقص المياه وعوامل أخرى أثرت سلبًا في الإنتاج وتكاليفه، وفقًا لعدة تقارير اطلعت عليها منصة “غذاء ومناخ“.
ودفعت سنوات من الجفاف المتكرر بسبب تغير المناخ وتدهور جودة المياه الجوفية الحكومة إلى المساعدة في نقل الإنتاج إلى مناطق أخرى من إيران حيث تتوفر المياه بشكل أكبر، مثل غرب البلاد.
ويقع موقع فوردو، أحد المواقع النووية التي قصفتها أميركا في إيران يوم الأحد 22 يونيو/حزيران 2025، على بُعد 100 كيلومتر جنوب غرب إيران. كما تشتهر أصفهان، التي تضم الموقع الثاني الذي قصفته واشنطن، أيضًا بحلوى النوجا المعروفة باسم “غاز”، أو إرث النوجا الفارسي، الذي يُعد الفستق أحد مكوناته.
ومع ذلك، شهد العام المالي الماضي 2024-2025 قفزة مفاجئة في إنتاج وتصدير الفستق في طهران، ما قد يُهدد بإعادة حرب الفستق الأميركية الإيرانية إلى الواجهة.
حرب الفستق الأميركية الإيرانية في عام 2017
تُعدّ صناعة الفستق العالمية قطاعًا بمليارات الدولارات سنويًا، وتشهد قيمته نموًا مستمرًا مع تزايد شعبيته كمواد غذائية.
وتهيمن الولايات المتحدة وإيران على التجارة العالمية في الفستق، حيث سيطرتا معًا على ما بين 70% و80% من الإنتاج السنوي خلال العقد الماضي.

وعلى مدار الأربعين عامًا الماضية، واجه مزارعو إيران ضغوطًا من العقوبات والرسوم الجمركية والقيود المفروضة على قدرتهم على الوصول إلى الأدوات المالية الدولية.
وعلى الرغم من أن الفستق نفسه لم يكن مدرجًا في قائمة المنتجات الخاضعة للعقوبات، إلا أن القيود المفروضة على الخدمات المصرفية العالمية جعلت التجارة صعبة على المزارعين الإيرانيين.
وتغير كل ذلك في عام 2016 بعد الاتفاق النووي الإيراني، المعروف رسميًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، حيث أزال هذا الاتفاق مع الولايات المتحدة وحلفائها العقوبات.
ولم يعد النفط الإيراني وحده هو الذي عاد إلى السوق الدولية، بل بدأت صادرات الفستق تكتسب أسواقًا خارجية.
ومع ذلك، انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق في عام 2018. وبعد عودته إلى ولاية ثانية في بداية هذا العام (2025) وخوضه حربًا استمرت 12 يومًا مع إسرائيل ضد طهران، لا تزال جميع السيناريوهات مفتوحة، بما في ذلك العودة إلى حرب الفستق الأميركية الإيرانية.
و بالنسبة لصناعة الفستق الإيرانية، كان التهديد بخسارة الاتفاق وإعادة فرض العقوبات يعني عودة ما وصفه نائب مدير جمعية الفستق الإيرانية، حجة حسني سعدي، بـ”المنافسة غير العادلة وغير المتكافئة”.
وتعود صناعة الفستق في إيران إلى آلاف السنين. على النقيض من ذلك، بدأت زراعة الفستق في الولايات المتحدة في ثلاثينيات القرن الماضي ببذور فارسية.
وكما تأثر الفستق الإيراني بالجفاف ونقص المياه، واجه الفستق الأمريكي ظروفًا مماثلة في عام 2014. ومنذ عام 2002، شهدت أسعار الفستق زيادات متتالية، يعزوها خبراء الصناعة إلى الطلب على الوجبات الخفيفة الصحية وتزايد الطلب الصيني، وفقًا لـ “بي بي سي”.
صادرات الفستق الإيرانية

قفزت صادرات الفستق الإيرانية بنسبة 143% في السنة المالية المنتهية في 20 مارس/آذار الماضي (2024-2025)، محققةً إيرادات بلغت 1.7 مليار دولار، وفقًا لتقارير تلفزيون بريكس.
ومع تخصيص نحو 650 ألف هكتار لزراعة الفستق، وهي أكبر مساحة مزروعة بهذا المحصول في العالم، تجاوز إجمالي إنتاج الفستق في إيران 300 ألف طن متري، ما يؤكد مكانة هذا المحصول كمنتج التصدير البستاني الرئيس في البلاد، وفقًا لوزارة الزراعة الإيرانية.
كما أشارت السلطات الإيرانية إلى زيادة بنسبة 83% في زراعة الفستق على مدى السنوات الـ 11 الماضية، مع بقاء محافظة كرمان مركز الإنتاج الرئيس. يدعم هذا القطاع الآن 350 ألف وظيفة مباشرة، ويدرّ عائدات بالعملة الأجنبية تبلغ نحو 1.5 مليار دولار سنويًا.
وشهدت الصادرات الزراعية الإيرانية نموًا قويًا، حيث بلغت 5.2 مليار دولار أميركي خلال العام المنتهي في مارس/آذار، بزيادة قدرها 29% عن العام السابق. ومن المتوقع الآن أن تستغل الحكومة هذا الزخم من خلال تعزيز أطر سلامة الأغذية، مما قد يفتح آفاقًا جديدة في الأسواق الدولية الرئيسة.
وفي وقت سابق، أفادت التقارير أن إيران نجحت في استخدام أجهزة لإزالة الزرنيخ من مياه الشرب في أكثر من 20 قرية. وقد أدت هذه التقنية، القائمة على استخدام مواد ماصة لجزيئات الحديد النانوية، إلى تحسين جودة المياه بشكل ملحوظ للسكان المحليين.