الأعشاب البحرية في الفلبين وسيلة عيش مهددة بـ “الجليد”

غذاء ومناخ

يُطلق اسم عاصمة الأعشاب البحرية في الفلبين على مقاطعة جزيرة تاوي-تاوي في أقصى جنوب البلاد، حيث استزراع آغال-آغال،  وهو الاسم المحلي لطحالب الأوكيميا وأعشاب الكابافيكوس البحرية، يمثل سبل عيشهم الوحيد، لكن تغيرالمناخ وارتفاع الحرارة الذي يؤدي إلى انتشار مرض الجليد؛ يهدد مصدر رزق المنتجين.

وتتعاون النساء مع الرجال في حصاد الأعشاب البحرية في الفلبين في بحر سيليبس قبالة جزيرة صغيرة في الدولة الآسيوية، حيث يحصد الرجال الأعشاب، وتتسلمها النساء، ثم يقمن بتجهيزها للبيع.

وبالنسبة إلى العديد من الناس، فإن أهمية الأعشاب البحرية ليست واضحة كأهمية مصيد الأسماك أو المحاصيل التي يجري حصادها. ولكن بالنسبة إلى المنتجين في المقاطعة الفلبينية، تمثل سبيل العيش الوحيد، وفق تقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.

وقالت إيميليتا: “تعلّمت استزراع الأعشاب البحرية في سن مبكرة. فقد كان والداي وأسرة زوجي من مستزرعي الأعشاب البحرية في الفلبين والذين تميزوا بالمهارة، ولطالما شكّل وسيلتنا الأساسية لكسب العيش في هذه المنطقة”.

تحديات إنتاج الأعشاب البحرية في الفلبين

يواجه إنتاج الأعشاب البحرية في الفلبين عدة تحديات، مثل زيادة حالات الإصابة بالأمراض النباتية وحالة السوق المحلية، ما تقلّل من احتمالية استمرار انتقال سبيل العيش هذا من جيل إلى آخر في مقاطعة تاوي-تاوي.

وتنتج المقاطعة نحو 40% من الإنتاج السنوي للبلاد الذي يبلغ 600 ألف طن. وكانت تُصدّر الأعشاب في المقام الأول لصنع الكراجينان، الذي يستخدم في تجهيز الأغذية.

يساعد الكاراجينان في تحسين ملمس وقوام العديد من المنتجات الغذائية، بما في ذلك منتجات الألبان مثل الآيس كريم والزبادي واللحوم المصنعة والصلصات والحلويات. تمت الموافقة على استخدام مكثف الكاراجينان في المنتجات الغذائية في العديد من البلدان ويعد آمنًا عند استخدامه ضمن الحدود التنظيمية.

وشهدت أسعار الأعشاب البحرية في الفلبين تقلبات كبيرة في السنوات الأخيرة. وتسبّبت المنافسة من الخارج في انخفاض الأسعار المحلية للأعشاب البحرية المجفّفة الخام إلى 25 بيسو فلبيني للكيلو الواحد (حوالي 0.44 دولارًا أميركيًا) في عام 2024، وهو ما يعني أنّ المستزرعين يحققون خسائر.

النساء في الفلبين تعملن إلى جانب الرجال في تجهيز الأعشاب البحرية للبيع – الصورة من فيتال ساينز

وبسبب تلك الخسائر، يلجأ البعض إلى ممارسات غير مستدامة للبقاء على قيد الحياة، مثل قطع أشجار المانغروف لإنتاج الفحم، وصيد الأسماك بالرمح، وجمع الصخور من قاع البحر لسحقها لتصبح حصى.

ومن المشكلات الأخرى مرض الجليد حسبما يقول سيولاي جوهان، وهو مستزرع أعشاب بحرية من المقاطعة نفسها. ومرض الجليد، هو عدوى بكتيرية ناتجة عن ارتفاع درجات حرارة البحر بسبب تغيّر المناخ، ويضطر المستزرعون إمّا إلى حصاد المحصول بسرعة قبل أن تتفاقم حالته أو التخلص منه.

توسيع نطاق الفرص

تدخلت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، للمساعدة في حماية منتجي الأعشاب البحرية في الفلبين، عبر شراكةً مع كل من: سلطات منطقة بانغسامورو في جنوب البلاد، والمنظمة الدولية للهجرة، ومركز التجارة الدولية.

وتعمل تلك الجهات على مشروع النهوض بالمستزرعين (فاير فاليو)، ودمجهم في سلاسل القيمة القادرة على الصمود ، والمشروع، الذي يموّله الاتحاد الأوروبي ويُنفذ في منطقة بانغسامورو الذاتية الحكم التابعة لمينداناو المسلمة، يهدف إلى تحسين إنتاج الأعشاب البحرية وسلاسل القيمة وقابلية التسويق.

ورغم أنّ استخدامات الأعشاب البحرية تمتد إلى قطاعات الأغذية والصناعة والزراعة والطاقة، فإنّ المستزرعين ليسوا جميعًا على دراية بهذه الأسواق؛ لذلك، يبدأ التدريب بإلقاء نظرة جديدة على إمكاناتها بالنسبة إليهم.

ويعمل برنامج التدريب العملي على زيادة المهارات في الاستزراع المستدام، والتقنيات الذكية مناخيًا، وتحويل الأعشاب البحرية إلى منتجات عالية القيمة. ويتعلّم المشاركون مهارات مختلفة، بما في ذلك إعداد مواد الاستزراع وإنشاء مزرعة من الصفر. ويتعلّمون أيضًا من بعضهم البعض من خلال المدارس الحقلية للمزارعين.

كما أنّ استزراع الأعشاب البحرية المربح لا يقتصر على استزراعها بشكل صحيح؛ بل إنّ مناولتها بالطريقة الصحيحة أمر يتسم بأهمية كبيرة أيضًا.

وحضر المشاركون دورة مكثّفة حول الأسواق المختلفة للأعشاب البحرية، والتسعير، والتوزيع، وكيفية جعل منتجاتهم أكثر قدرة على المنافسة.

أحد مزارعي الأعشاب البحرية في الفلبين – الصورة من بيوبل إن نيد

ويقول ممثل المنظمة في الفلبين وخبير في تربية الأحياء المائية، ليونل دابادي: “يوفر هذا التدريب فرصًا لتحسين إلمام مستزرعي الأعشاب البحرية في الفلبين بالأمور المتصلة بالأعمال التجارية من أجل تزويدهم بالمهارات اللازمة للتغلّب على تحديات الاستزراع الحديث للأعشاب البحرية وتسويقها، فضلًا عن المساهمة في مستقبل أكثر استدامة وقابلية للاستمرار اقتصاديًا لسكان تاوي-تاوي”.

ويعمل التدريب أيضًا على تمكين مستزرعي الأعشاب البحرية من استكشاف الفرص لصنع منتجات أخرى. وهذا يشمل منتجات باسالوبونغ المصنوعة من الأعشاب البحرية، وهي هدايا سفر تذكارية فليبينية تقليدية، مثل الأطباق المحلية الشهية.

وبالنسبة إلى المستزرعين، فإنّ استكشاف طرق جديدة لتعزيز دخلهم لكيلا يقتصر على مجرد بيع الأعشاب البحرية الخام هو وسيلة بالغة الأهمية من أجل الحد من الاعتماد على سوق الكراجينان. وتشمل الأسواق البديلة، على سبيل المثال، بيع الأعشاب البحرية لإنتاج المنشطات البيولوجية أو المنتجات الغذائية مثل رقائق الأعشاب البحرية. وتعمل المنظمة على تيسير التواصل بين المستزرعين ومنتجي هذه المنتجات البديلة.

اقرأ أيضاً

  • يونيو 16, 2025
  • 20 views
 بيع السلمون المُستزرع في أميركا.. الموافقة الأولى للمأكولات البحرية

يوسف أحمد وافقت إدارة الغذاء والدواء بالولايات المتحدة (إف دي إيه)، رسميًا، على بيع سمك السلمون المُستزرع  في أميركا، وهي المرة الأولى التي تسمح فيها ببيع أي من أنواع المأكولات…

Read more

  • يونيو 11, 2025
  • 34 views
64.5% من مخزونات الأسماك تُستغل باستدامة (تقرير)

غذاء ومناخ خلص تقرير حديث إلى أن 64.5% من إجمالي مخزونات الأسماك تُستغل بطرق مستدامة بيولوجيًا، 35.5% منها فقط مُصنفة بالصيد الجائر. وعند حسابها وفقًا لمستويات إنتاجها، فإن 77.2% من…

Read more

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *