دراسة: بنوك الجينات النباتية تسّرع استنباط محاصيل مقاومة للجفاف والحرارة

غذاء ومناخ

تظهر دراسة حديثة نُشرت في مجلة “نيتشر كلايمت تشينج” كيف يمكن أن تساعد بنوك الجينات النباتية، التي تضم ملايين النباتات المتنوعة وراثيًا حول العالم، في تسريع عملية استنباط محاصيل أكثر تكيفًا مع تغير المناخ، مثل الجفاف وارتفاع الحرارة.

استخدم الباحثون الذرة الرفيعة، وهي حبوب تُزرع للغذاء والوقود وعلف الماشية، لاختبار طريقة جديدة تُسمى الانتقاء الجينومي البيئي.

وقال الباحث المشارك في الدراسة من كلية الزراعة الاستوائية والمرونة البشرية بجامعة هاواي مانوا، مايكل كانتار: “تُؤثر الضغوط المناخية في المحاصيل الغذائية في كل بلد على كوكبنا، وهذه التقنية تُبشر بزيادة الاستفادة من بنوك الجينات العالمية”، وفق تقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.

وأُنشئت بنوك الجينات النباتية في منتصف القرن العشرين؛ كرد فعل على الفقدان السريع للتنوع البيولوجي الزراعي، والذي يرجع أساسًا إلى استبدال السلالات المحلية بأصناف مُحسّنة.

وأصبح هذا الاستبدال ممكنًا بفضل مدخلات الطاقة الهائلة في النظم الزراعية، من آلات وأسمدة ومبيدات حشرية ومبيدات أعشاب وري وزراعة محمية، وغيرها، ما يجعل الظروف البيئية أكثر تجانسًا، ما يسمح بزراعة عدد محدود من الأصناف المُحسّنة في كل مكان، لتحل محل السلالات المحلية المُتكيّفة مع البيئات المحلية وأساليب الزراعة المحلية والعناصر الثقافية المُستخدمة.

وتشير التقديرات إلى أن 70% من المحاصيل المزروعة حاليًا هي من أصل أجنبي، في حين أن المحاصيل التقليدية المحلية في كل منطقة آخذة في الاختفاء.

بنوك الجينات النباتية مكتبات حية

بنوك الجينات بمثابة مكتبات حية- الصورة من جينيتك ريسورسز

قال المؤلف المشارك في الدراسة الحديثة من كلية الزراعة الاستوائية والمرونة البشرية في جامعة هاواي مانوا، مايكل كانتار، إن بنوك الجينات النباتية ضرورية لحماية التنوع الجيني للمحاصيل الغذائية.

ويصف الباحث بنوك الجينات النباتية، بـ “المكتبات الحية”، التي تخزن البذور والمواد الوراثية الأخرى، ما يوفر موردًا حيويًا لمربي النباتات، الذين يعملون على تطوير أصناف جديدة من المحاصيل تتميز بمجموعة من السمات؛ من مقاومة الجفاف إلى تحمل الأمراض.

استخدم الباحثون الذرة الرفيعة، وهي حبوب تُزرع للغذاء والوقود وعلف الماشية، لاختبار طريقة جديدة تُسمى الانتقاء الجينومي البيئي. تجمع هذه الطريقة بيانات الحمض النووي مع معلومات المناخ للتنبؤ بالنباتات الأنسب للظروف المستقبلية.

وقال كانتار: “يمكن تطبيق هذه الطريقة على أي محصول تتوفر له البيانات الصحيحة، بما في ذلك الذرة الرفيعة والشعير والقنب والفلفل وعشرات المحاصيل الأخرى”.

كما توفر هذه الطريقة الوقت. فبدلًا من اختبار آلاف النباتات في الحقل، يستخدم العلماء “مجموعة نواة مصغرة” أصغر وأكثر تنوعًا للتنبؤ بأداء المحاصيل في بيئات مختلفة. وهذا يُساعد المُربّين على اختيار أفضل الآباء بسرعة لأصناف جديدة مقاومة للتغيرات المناخية.

وأضاف كانتار: “ستساعدنا هذه الطريقة على مواكبة ارتفاع درجات الحرارة وزيادة خطر الفيضانات الناجم عن تغير مناخ الأرض، وستساعد على تطوير أصناف جديدة لضمان الأمن الغذائي”.

واكتشف باحثون أن الدول ذات الاستخدام العالي للذرة الرفيعة قد تحتاج إلى موارد وراثية من دول أخرى للتكيف بشكل فعال مع تغير المناخ، ما يؤكد على قيمة العمل الجماعي العالمي في تأمين إمدادات الغذاء في العالم، وفقًا لـ “فيز.أورغ“.

فقد 75% من التنوع الوراثي للمحاصيل

بنوك الجينات النباتية تحمي تنوع المحاصيل والأشجار – الصورة من داون تو إيرث

وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة  للأمم المتحدة (الفاو)، فُقد 75% من التنوع الوراثي للمحاصيل منذ القرن العشرين، وتُمثل 9 محاصيل فقط 70% من الإنتاج الغذائي العالمي.

ولا يقتصر استعادة التنوع البيولوجي الزراعي وحمايته على الحفظ فحسب، بل يشمل أيضًا البقاء، وفقًا لمنصة بنوك الجينات التابعة للمجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية (سجيار)، التي يقودها صندوق المحاصيل، والتي تُمكّن بنوك الجينات التابعة للمجموعة من الوفاء بالتزامها القانوني بحفظ وإتاحة عينات المحاصيل والأشجار نيابةً عن المجتمع الدولي بموجب المعاهدة الدولية بشأن الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة.

ومن خلال هذه المنصة، تحمي بنوك الجينات النباتية التابعة للمجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية موردًا عالميًا فريدًا من تنوع المحاصيل والأشجار، وتستجيب لآلاف طلبات الحصول على البلازما الجرثومية من المستخدمين في أكثر من 100 دولة حول العالم سنويًا.

عندما أُنشئت بنوك الجينات النباتية، كان الهدف منها حفظ المادة الوراثية (وهي في الأساس توليفات جينية) بهدف استخدامها مستقبلًا، إما مباشرةً أو كمواد في برامج التربية لمواجهة التغيرات المحتملة في الظروف البيئية أو احتياجات المجتمع، حتى قبل بدء المناقشات حول تغير المناخ.

وبعد عقود من الخبرة في بنوك الجينات النباتية، نوقشت مزايا وعيوب هذه الاستراتيجية فيما يتعلق بالحفظ في الموقع بشكل موسع، وفقًا لدراسة إسبانية أُجريت عام 2018 بعنوان: “بنوك الجينات النباتية: الوضع الحالي ومقترحات لتحسينها. دراسة حالة الشبكة الإسبانية”.

وحتى الآن، يبدو أن الحفظ خارج الموقع قد حقق نجاحًا أكبر من الحفظ في الموقع، ربما بسبب تكلفته المنخفضة (أقل بحوالي 100 مرة من الحفظ في الموقع) وسهولة وصول المستخدمين إلى المواد.

ومنذ إنشاء بنوك الجينات النباتية الأولى، تطورت التقنيات البيولوجية بشكل كبير، مما يتيح للمربين الآن المزيد من الأدوات المتاحة لتوليد التنوع، بالإضافة إلى مصادر بيانات جديدة، بحسب الدراسة الإسبانية، وفقًا لموقع “فرونتير“.


موضوعات متعلقة:

تحرير الجينات.. الطريق إلى إنتاج عنب مقاوم للجفاف وحليب مقاوم للحساسية

موضوعات ذات صلة

  • يونيو 4, 2025
  • 21 views
قش الأرز وسيلة مزارعي نيبال للحفاظ على المياه في التربة من الجفاف

غذاء ومناخ نجح عدد من مزارعي نيبال من الاستفادة من قش الأرز لمقاومة الجفاف وخفض استهلاك المياه في الأرض الزراعية، ما انعكس إيجابًا على إيرادات تلك المناطق المهمشة. ويأتي ذلك…

Read more

  • يونيو 2, 2025
  • 27 views
ريف أوكرانيا بحاجة إلى دعم فوري لإنتاج الغذاء في ظل استمرار الحرب

غذاء ومناخ حذرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، من أن ريف أوكرانيا يحتاج إلى دعم فوري لزراعة وإنتاج الغذاء في ظل الحرب المتواصلة مع روسيا. وأفاد بيان للفاو، الذي…

Read more

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *