
غذاء ومناخ
حذّر تقرير حديث أن 6 سلع من الواردات الغذائية الأوروبية الرئيسة تتعرض لتهديد متزايد بسبب فقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ في البلدان التي تستورد منها بصورة رئيسة.
وخلص التقرير إلى أن أكثر من نصف واردات الكتلة من هذه المواد الغذائية الستة تأتي من دول معرضة لتغير المناخ ومواردها محدودة للتكيف.
ويؤكد الباحثون أن تمويل المناخ ليس ترفيهًا، ولكنه ضروري للأمن الغذائي في أوروبا، وفقًا للتقرير الذي اطلعت عليه “غذاء ومناخ“.
بتكليف من مبادرة “المؤسسة الأوروبية للمناخ” الخيرية، قامت شركة الاستشارات البريطانية “فورسايت ترانزيشنز” بدراسة مدى ضعف المحاصيل الأساسية، الذرة والأرز والقمح، إضافة إلى الكاكاو والبن وفول الصويا، وهي سلع أساسية لإنتاج وتصدير الأغذية الزراعية في الاتحاد الأوروبي.
الواردات الغذائية الأوروبية مهمة
الواردات الغذائية الأوروبية من السلع الرئيسة كبيرة، بسبب أن التكتل لا يتمتع بالاكتفاء الذاتي في السلع الأساسية، مثل الذرة والأرز والقمح، ولا في السلع الأساسية المستوردة لإنتاج الأغذية الزراعية، مثل الكاكاو والبن وفول الصويا.
ولهذا آثار مهمة في كل من الأمن الغذائي الأوروبي والأعمال التجارية المحلية.
وتستند الدراسة عن الواردات الغذائية الأوروبية إلى بحث سابق حول التهديدات المناخية لواردات المملكة المتحدة الغذائية، أجرته وحدة استخبارات الطاقة والمناخ.
وقالت المؤلفة الرئيسة للتقرير، كاميلا هيسلوب: “هذه ليست مجرد تهديدات مجردة. إنها تتجلى حاليصا بطرق تؤثر سلبًا في الشركات والوظائف، إضافة إلى توافر الغذاء وأسعاره للمستهلكين، وهي تزداد سوءًا”.

صناعة الشيكولاتة أكبر الضحايا
بصفتها أكبر منتج ومصدر للكاكاو في العالم، فإن صناعة الشوكولاتة في الاتحاد الأوروبي – التي تُقدر قيمتها بنحو 44 مليار يورو – هي التي تواجه التهديد الأكبر من هذين العاملين البيئيين المتلازمين.
يأتي نحو 97% من المكون الرئيسي للشوكولاتة، وهو الكاكاو، من دول ذات تصنيف مناخي منخفض إلى متوسط أو أقل، وفقًا لمؤشر نوتردام العالمي للتكيف. تجمع هذه الأداة بين تعرض الدولة لأضرار المناخ وإمكانية حصولها على الدعم المالي والمؤسسي.
ويأتي 77% من الكاكاو من دول ذات تصنيف تنوع بيولوجي متوسط أو أقل، وفقًا لتصنيف سلامة التنوع البيولوجي الصادر عن متحف التاريخ الطبيعي في المملكة المتحدة، والذي يقارن الوفرة الحالية للأنواع البرية بمستويات ما قبل العصر الحديث.
قام الباحثون بربط بيانات التجارة من يوروستات بهذين التصنيفين للأمن البيئي لجميع السلع الست
في حالة الكاكاو، تأتي الواردات الأوروبية من عدد قليل من الدول الرئيسة في غرب أفريقيا – ساحل العاج، غانا، الكاميرون، ونيجيريا – وجميعها تشهد تأثيرات متداخلة ومتزايدة على المناخ والتنوع البيولوجي.
تقول هيسلوب: “دفع الاتحاد الأوروبي سعرًا متزايدًا لواردات الكاكاو نتيجة لهذه الضغوط البيئية، حيث ارتفعت القيمة الإجمالية للواردات بنسبة 41% خلال العام الماضي”.
وتضيف: “كما أن الزيادة في القيمة مدفوعة بزيادات أسعار السكر المرتبطة بالمناخ، مما يسلط الضوء على “المشكلة البيئية المزدوجة” التي لا يواجهها مصنعو الشوكولاتة فحسب، بل يواجهها أيضًا أنواع أخرى من المنتجين الذين يستخدمون مدخلات متعددة حساسة للبيئة”.
ارتفعت أسعار الكاكاو بنسبة 43% في السنوات الثلاث الماضية، وفقًا لتحليل حديث أجرته وحدة الطاقة والاستخبارات المناخية، وهي مؤسسة بحثية بيئية، مع ظهور “تضخم الشوكولاتة” بشكل واضح على رفوف المتاجر الكبرى.
التنوع البيولوجي وتأثيره

في حين قيّمت دراسات سابقة مدى تأثر واردات الأغذية بتغيرات المناخ، يبرز البحث الجديد بتركيزه على فقدان التنوع البيولوجي وكيفية تفاعل هذين العاملين البيئيين.
توضح هيسلوب: “تتفاقم آثار المناخ بتراجع التنوع البيولوجي، مما يجعل المزارع والنظم البيئية المحيطة بها أقل قدرة على الصمود في وجه تقلبات المناخ وغيرها من الصدمات”.
وتضيف: “لا تقتصر المشكلة على أن المزارع الأقل تنوعًا بيولوجيًا أقل قدرة على الصمود في وجه أمراض المحاصيل، بل غالبًا ما تظهر هذه الأمراض نتيجةً لانخفاض التنوع البيولوجي”.
علاوةً على ذلك، تتضاءل الغلات بسبب إزالة النباتات المحلية، مما قد يُغير المناخات المحلية. في حين أن ممارسات مثل الزراعة الأحادية – حيث يُزرع محصول مثل القمح حصريًا – تُستنزف التربة التي يعتمد عليها إنتاج الغذاء.
كما أن 3 من هذه السلع – القمح والذرة والكاكاو – معرضة أيضًا لخطر كبير من التأثيرات المتعلقة بالتنوع البيولوجي، ما يفاقم التهديد الذي يشكله المناخ بالفعل على الإمدادات، ويزيد من حجم الإنتاج المعرض للخطر، وفق “يورو نيوز“.