تقرير حكومي: الزراعة بدون حرث في أميركا تستخدم المبيدات بكثافة

غذاء ومناخ

وجد تقرير حكومي أن الزراعة بدون حرث في أميركا ليست زراعة متجددة، وأنها من أكثر أنواع طرق الزراعة استخدامًا للمبيدات، ما يؤدي إلى أضرار بالغة للتربة عكس المستهدف منها.

تُعد الزراعة بدون حرث -على نطاق واسع- شكلًا رائدًا من أشكال الزراعة المتجددة في أميركا. إلا أن دراسة “إعادة التفكير في الزراعة بدون حرث”، وجدت أن معظم أساليب الزراعة بدون حرث (التقليدية) لا تحقق أهداف الزراعة المتجددة، والتي تشمل تحسين صحة التربة، وحماية التنوع البيولوجي، ودعم رفاهية الإنسان.

لذلك يجب إعادة هيكلة السياسات العامة وإشارات السوق التي تُشجع الزراعة كثيفة المواد الكيميائية في الولايات المتحدة؛ لدعم هؤلاء المزارعين وغيرهم لتحقيق زراعة متجددة حقيقية، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.

وتُشكل المبيدات الحشرية السامة التي تضر التربة وصحة الإنسان أساس معظم أنظمة الزراعة بدون حرث التقليدية.

وبناءً على تحليل؛ هو الأول من نوعه لبيانات وزارة الزراعة الأميركية، فإن معظم أنظمة الزراعة بدون حرث تعتمد بشكل كبير على مبيدات الأعشاب لمكافحة الأعشاب الضارة، لدرجة أن ثلث إجمالي الاستخدام السنوي لمبيدات الآفات (وهو مصطلح يشمل مبيدات الأعشاب والحشرية والخاصة بالفطريات) في الولايات المتحدة، يُعزى إلى إنتاج الذرة وفول الصويا بدون حرث  وحده.

ولهذا الاستخدام الكيميائي عواقب وخيمة على حياة التربة وصحة الإنسان والتنوع البيولوجي والمناخ.

أهم محصولين في الزراعة بدون حرث

الزراعة بدون حرث ليست حديثة؛ فقد استُخدمت منذ ما يقارب من 10 آلاف سنة. ومع تطور تصاميم المحاريث وأساليب الإنتاج خلال الثورة الزراعية الأوروبية في القرنين الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، ازدادت شعبية الحراثة. وقد اعتمد المزارعون هذه الطريقة لأنها أتاحت لهم زراعة المزيد من البذور مع بذل جهد أقل.

والحراثة تعني تقليب أول 6-10 بوصات من التربة قبل زراعة المحاصيل الجديدة. وتعمل هذه الممارسة على دفن بقايا المحاصيل السطحية وروث الحيوانات والأعشاب الضارة في عمق الحقل، ومزجها بالتربة. كما أنها تُهوي التربة وتدفئها، وفقًا لمنظمة “ريجينراشن إنترناشيونال“.

ذرة – الصورة من ساينس لاين

وفي حين أن الزراعة بدون حراثة يمكن ممارستها دون استخدام مواد كيميائية ضارة، إلا أن تقرير وزارة الزراعة الأميركية  (يو إس دي إيه) وجد أنه بالنسبة لأهم محصولين يجري زراعتهما بدون حراثة في أميركا، وهما الذرة وفول الصويا، فإن الغالبية العظمى من المساحة (93%) تستخدم مبيدات أعشاب سامة مرتبطة بالسرطان والعيوب الخلقية والعقم والسمية العصبية واختلال ميكروبيوم الأمعاء واضطراب الغدد الصماء وغيرها من الآثار الخطيرة في صحة الإنسان.

وتُنشر هذه المواد الكيميائية عبر ما يقارب من 100 مليون فدان على مستوى البلاد، وخاصة في قلب أميركا والسهول الكبرى.

ووجد التقرير أن الجليفوسات، المكون الرئيس المرتبط بالسرطان في مبيد الأعشاب “راوند أب” الذي تعرض لانتقادات واسعة، هو مبيد الأعشاب الأكثر استخدامًا في زراعة الذرة وفول الصويا بدون حرث.

وعادةً ما يزيد عدم الحراثة من استخدام مبيدات الأعشاب في أنظمة الزراعة التقليدية، ويعتمد ما لا يقل عن 90% من أفدنة الذرة والصويا المزروعة بدون حراثة على بذور مُعدّلة وراثيًا لمقاومة مبيدات الأعشاب، ما يُفاقم من دورة استخدام مبيدات الأعشاب. علاوة على ذلك، تُغطى بذور الذرة بدون حراثة في أغلب الأحيان بمبيدات حشرية من نوع النيونيكوتينويد.

وتُدمر هذه المواد الكيميائية التربة التي يُزرع فيها، وتُقضي على المُلقحات مثل النحل، الضرورية لإنتاج الغذاء ولسلامة النظم البيئية. كما أنها تُلحق الضرر بميكروبيوم التربة واللافقاريات، مثل الديدان والخنافس، والتي تُعدّ أساسية لبناء تربة صحية قادرة على عزل الكربون، والحفاظ على المياه، وتعزيز قدرة المزارعين على الصمود في وجه الجفاف والفيضانات.

ليس حلاً للمناخ

يدحض تقرير وزارة الزراعة الأميركية الافتراض الخاطئ بأن عدم الحراثة يزيد من مخزون الكربون في التربة، مُلخّصًا أبحاثًا علمية مُستفيضة تُظهر عدم وجود علاقة واضحة بين عدم الحراثة وعزل الكربون في التربة.

وتعتمد الزراعة التقليدية بدون حرث بشكل كبير على المواد الكيميائية المُستخرجة من الوقود الأحفوري، مثل مبيدات الأعشاب والأسمدة الصناعية. وتُعادل انبعاثات غازات الدفيئة المرتبطة بهذه المُدخلات المُشتقة من الوقود الأحفوري في الذرة وفول الصويا بدون حرث انبعاثات 11.4 مليون سيارة سنويًا، وهو رقم بدوره يعادل عدد السيارات في الولايات التسع الأولى التي تُطبق الزراعة بدون حرث مجتمعةً.

وتهيمن الزراعة واسعة النطاق، المُعتمدة على المواد الكيميائية بكثافة، حاليًا في الولايات المتحدة، بسبب دعم السياسات العامة والأسواق.

وتُشارك شركات الكيماويات بشكل كبير في صعود الزراعة بدون حرث، لأنها تُزيد من سوق منتجاتها السامة. “دع الباراكوات يكون محراثك”، هذا ما جاء في إعلان نشرته شركة شيفرون عام 1972 في مجلة “مزارع بدون حرث”.

والباراكوات مادة كيميائية سامة تُستخدم عادةً كمبيد للأعشاب (قاتل للنباتات).

آلة حفر في الزراعة بدون حرث – الصورة من أغ مانوفاكترينغ

وتستغل شركات المبيدات الحشرية الاهتمام المتزايد بصحة التربة بالادعاء بأن الزراعة التقليدية بدون حرث “متجددة”. لكن الزراعة الكيميائية ليست متجددة، فنشر المبيدات السامة والإفراط في استخدام الأسمدة الصناعية يتعارضان مع تعزيز صحة التربة والإنسان وسلامة النظام البيئي، وفق تقرير وزارة الزراعة الأميركية.

والتركيز الضيق على ممارسات فردية مثل الحرث مُضلِّل، فالزراعة المتجددة تعمل مع النظام الزراعي ككل. وتُظهر الأبحاث أن الحرث الدقيق في أنظمة الزراعة الشاملة يمكن أن يحقق نتائج أفضل للتربة مقارنةً بأنظمة الزراعة بدون حرث كثيفة المواد الكيميائية.

ويجب أن يكون التخفيض الكبير في استخدام الكيماويات الزراعية التي تضر بالتربة وصحة الإنسان ركيزة أساسية في جميع مبادرات الزراعة المتجددة، وفقًا لمنظمة “أصدقاء الأرض”.

موضوعات ذات صلة

  • يونيو 7, 2025
  • 15 views
صناعة الأغذية والزراعة تحتاج زيادة التمويل 12 ضعفا  لتحقيق الأهداف المناخية

غذاء ومناخ خلص تقرير تحليلي حديث إلى أن صناعة الأغذية والزراعة تحتاج تمويلًا يزيد بمقدار 12 ضعفًا عن المستويات الحالية، لتقليل أثرها البيئي بما يتماشى مع أهداف المناخ العالمية، وفق…

Read more

  • يونيو 4, 2025
  • 28 views
قش الأرز وسيلة مزارعي نيبال للحفاظ على المياه في التربة من الجفاف

غذاء ومناخ نجح عدد من مزارعي نيبال من الاستفادة من قش الأرز لمقاومة الجفاف وخفض استهلاك المياه في الأرض الزراعية، ما انعكس إيجابًا على إيرادات تلك المناطق المهمشة. ويأتي ذلك…

Read more

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *