الوزير الجزار الذي سيعيد اللحوم إلى مدارس ألمانيا

غذاء ومناخ

أثار وزير الزراعة الألماني الجديد، ألويس راينر، وهو جزار بافاري، جدلًا وطنيًا بوعدة إعادة اللحوم إلى قوائم طعام المدارس ورياض الأطفال في جميع أنحاء البلاد.

راينر، الجزار المُدرّب والعضو في حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، من المقرر أن يخلف جيم أوزدمير من حزب الخضر في الحكومة القادمة؛ برئاسة المستشار المنتخب فريدريش ميرز.

وفي مقابلة حديثة مع صحيفة بيلد الألمانية الشعبية، أكد راينر على أهمية اتباع نظام غذائي متوازن، مشيرًا إلى ضرورة تقديم اللحوم إلى جانب الخيارات النباتية في المؤسسات التعليمية.

وانتقد تركيز الإدارة السابقة على الأنظمة الغذائية النباتية، واصفًا إياها بـ”هوس التوفو”، وهو مصطلح صاغه زعيم حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، ماركوس سودر، لوصف ترويج حزب الخضر لعادات الطعام النباتية، وفقًا لتقارير عديدة اطلعت عليها منصة “غذاء ومناخ“.

وأدخل الوزير المنتهية ولايته من حزب الخضر، جيم أوزدمير، أيامًا مخصصة للنباتيين فقط في مقصف وزارته، ما أدى، بحسب التقارير، إلى لجوء الموظفين الجائعين إلى المطاعم المجاورة للحصول على ما يكفيهم من أطباق اللحوم التقليدية.

ورفض راينر مقترح أوزدمير بزيادة الضرائب على اللحوم، قائلاً: “أسعار اللحوم لا يحددها الوزير، بل السوق”. وأعرب راينر عن اعتقاده بإمكانية انخفاض أسعار اللحوم حتى في ظل الحكومة الألمانية الجديدة، التي سيقودها فريدريش ميرز، وفق صحيفة التليغراف.

صانع سجق ماهر

من منطقة الراينلاند إلى الحدود البولندية، عانى أطفال المدارس من زيادة أطباق سلطة البطاطس ولفائف الملفوف في السنوات الأخيرة – حتى أن المدارس الابتدائية في فرايبورغ حظرت منتجات اللحوم تمامًا.

إلا أنه من المتوقع أن يتغير هذا الوضع في ظل حكومة ألويس راينر القادمة، حيث يُعلن صانع السجق الماهر أن لحوم الحيوانات جزء من نظام غذائي متوازن ويجب تقديمها بانتظام. “وخاصةً في رياض الأطفال والمدارس”.

وأثارت تعليقات راينر ردود فعل متباينة. يجادل المؤيدون بأن نهجه يُعيد الممارسات الغذائية التقليدية ويدعم المزارعين المحليين، بينما يرى المنتقدون أنه يُقوّض الجهود المبذولة للحد من الأثر البيئي لاستهلاك اللحوم. وأعربت جماعات حماية البيئة عن معارضة شديدة، محذرة من أن الترويج للحوم الأرخص قد يُفاقم أزمة المناخ في ألمانيا.

طبق طعام مكون من اللحوم – الصورة من تاست أطلس

وصفت الخبيرة في الزراعة في منظمة “غرينبيس”، آن هامستر، فكرة “اللحوم الرخيصة” بأنها “وهم باهظ الثمن”، موضحةً أن مثل هذه السياسات ستؤدي في النهاية إلى تفاقم التدهور البيئي، حيث إن التكاليف المرتبطة بالإنتاج الصناعي للحوم – مثل الإفراط في استخدام المياه، وإزالة الغابات، وانبعاثات الميثان – لا تنعكس في سعر المنتج.

وعلى الرغم من رد الفعل العنيف من دعاة حماية البيئة، فإن موقف راينر ينبع من إيمانه بأن اللحوم تلعب دورًا ثقافيًا وتغذويًا مهمًا في المجتمع الألماني.

وكانت ألمانيا من أكبر مستهلكي اللحوم في أوروبا. ويرى راينر أن الترويج للحوم وسيلة لدعم المزارعين المحليين وضمان الأمن الغذائي للبلاد. وقد أعرب عن التزامه بزيادة الدعم لمنتجي اللحوم، ما يجعل اللحوم في متناول الجميع وبأسعار معقولة.

استهلاك البالغين من اللحوم الحيوانية

أوصت الجمعية الألمانية للتغذية (دي جي إي)، البالغين بتقليل استهلاكهم من اللحوم إلى ما لا يزيد عن 300 غرام أسبوعيًا. وتعكس إرشادات الجمعية اتجاه متصاعد من الأبحاث التي تربط الإفراط في استهلاك اللحوم بارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسمنة والسرطان.

وعلى الرغم من هذه التوصيات، لا تزال ألمانيا تستهلك لحومًا للفرد الواحد أكثر من أي دولة أوروبية أخرى تقريبًا. ففي عام 2020، بلغ متوسط ​​استهلاك المواطن الألماني 60 كيلوغرامًا من اللحوم سنويًا، وفقًا للوزارة الاتحادية للأغذية والزراعة.

ويُسلط اقتراح راينر الضوء أيضًا على فجوة ثقافية أوسع داخل المجتمع الألماني، تعكس التوترات بين عادات الطعام التقليدية وجهود الاستدامة الحديثة. يُجادل مؤيدو نهج راينر بأن هناك مكانًا لكل من اللحوم والخيارات النباتية في النظام الغذائي الوطني. ومع ذلك، يعتقد المنتقدون أن التركيز المفرط على استهلاك اللحوم لا يُلبي الحاجة المُلحة للتحول نحو أنظمة غذائية أكثر استدامة.

ومع انتقال ألمانيا إلى حكومتها الجديدة، من المُرجح أن يتصاعد الجدل حول استهلاك اللحوم.

وزير الزراعة الألماني السابق جيم أوزدمير من حزب الخضر – الصورة من بلقان إنسايت

وتشير السياسات التي دافع عنها راينر إلى عودة إلى ممارسات غذائية أكثر تقليدية، مع إعطاء الأولوية لاستهلاك اللحوم في المؤسسات العامة. ومع ذلك، يأتي هذا التحول في وقتٍ يُصارع فيه العالم التأثير البيئي للزراعة، ويرى الكثيرون أن سياسات ألمانيا الغذائية يجب أن تعكس التوجهات العالمية نحو الاستدامة.

ومن المرجح أن تُشكل المناقشات الدائرة حول هذه القضية مستقبل السياسة الغذائية في ألمانيا، مُوازنةً بين التقاليد الثقافية والحاجة المُلحة للمسؤولية البيئية. ومع تشكيل الحكومة الجديدة، سيكون لنتائج هذا النقاش آثارٌ دائمة في السياسات الزراعية الألمانية ودورها في جهود الاستدامة العالمية، وفق صحيفة فايننشال تايمز.

موضوعات ذات صلة

  • يونيو 4, 2025
  • 21 views
قش الأرز وسيلة مزارعي نيبال للحفاظ على المياه في التربة من الجفاف

غذاء ومناخ نجح عدد من مزارعي نيبال من الاستفادة من قش الأرز لمقاومة الجفاف وخفض استهلاك المياه في الأرض الزراعية، ما انعكس إيجابًا على إيرادات تلك المناطق المهمشة. ويأتي ذلك…

Read more

  • يونيو 2, 2025
  • 26 views
ريف أوكرانيا بحاجة إلى دعم فوري لإنتاج الغذاء في ظل استمرار الحرب

غذاء ومناخ حذرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، من أن ريف أوكرانيا يحتاج إلى دعم فوري لزراعة وإنتاج الغذاء في ظل الحرب المتواصلة مع روسيا. وأفاد بيان للفاو، الذي…

Read more

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *