غذاء ومناخ
عاودت أسعار الزبدة من جديد الارتفاع، بعد هدوء لمدة قصيرة، ما دفع مؤشر الغذاء العالمي للصعود في شهر أبريل/نيسان الماضي.
وأفادت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) اليوم الجمعة 2 مايو/أيار 2025، أن المؤشر المرجعي لأسعار السلع الغذائية العالمية ارتفع مدفوعًا بزيادة أسعار الحبوب الرئيسة واللحوم ومنتجات الألبان، وفقًا للبيان الذي تلقته منصة “غذاء ومناخ“.
وبلغ متوسط مؤشر أسعار الغذاء العالمي، الذي يتتبع التغيرات الشهرية في الأسعار الدولية لمجموعة من السلع الغذائية المتداولة عالميًا، 128.3 نقطة في أبريل/نيسان، بزيادة قدرها 1.0% عن مارس/آذار، و7.6% عن الشهر نفسه من العام الماضي.
وقفز مؤشر منتجات الألبان بنسبة 2.4%، مقارنة بالشهر السابق، ليصل إلى 22.9% أعلى من العام السابق. ويعزى هذا الارتفاع إلى زيادة أسعار الزبدة العالمية إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، بسبب انخفاض المخزونات في أوروبا.
أسعار الزبدة تواصل القفزات
كان ارتفاع أسعار الزبدة السبب الرئيس في صعود مؤشر أسعار الغذاء العالمي في أبريل/نيسان 2025، حيث تعرض إنتاج الزبدة لأزمات عديدة منذ أواخر 2023، ما قفز بأسعارها إلى مستويات تاريخية، واستقرت على ذلك لمدة 14 شهرًا حتى ديسمبر/كانون الثاني 2024، الذي تراجعت فيه لأول مرة.
وتقول (الفاو) إن سبب ارتفاع أسعار الزبدة في شهر أبريل/نيسان الماضي، هو انخفاض المخزونات في أوروبا، لكن هناك أسباب عديدة وراء قفزات الزبدة لمدة قد تقارب العامين.
ففي جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة، ارتفع سعر الزبدة بنسبة 19% في المتوسط من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى أكتوبر/تشرين الأول 2024. وصعدت 49% في سلوفاكيا، و40% في ألمانيا وجمهورية التشيك، وفق بيانات رسمية من الاتحاد.
وأشارت التقارير إلى أن التكلفة استمرت في الارتفاع في الأشهر التي تلت ذلك. في ألمانيا، تراوح سعر مكعب الزبدة (250 غرامًا) بين 2.40 و4 يورو (2.49 و4.15 دولارًا)، حسب العلامة التجارية والجودة.
وهذه الزيادة في أسعار الزبدة ناتجة عن نقص عالمي إنتاج الحليب، بما في ذلك في الولايات المتحدة ونيوزيلندا، إحدى أكبر مُصدري الزبدة في العالم، وفقًا للخبير الاقتصادي ماريوس دزيولسكي، محلل أسواق الأغذية والزراعة في بنك “بكو” البولندي.
وتحتوي الزبدة الأوروبية عادةً على نسبة دهون أعلى من تلك المُباعة في الولايات المتحدة. كما تُباع بالوزن بأحجام قياسية، لذلك لا يستطيع مُنتجو الأغذية إخفاء ارتفاع الأسعار بتقليل أحجام العبوات.
وكان نقص الزبدة في فرنسا في القرن الـ 19، سببًا في اختراع السمن النباتي، لكن الفرنسيين لا يزالون من أكثر مُستهلكي الزبدة في القارة الأوروبية، حيث يستخدمونها بإسراف في المخبوزات والصلصات.
كما أن الزبدة مهمة جدًا في بولندا لدرجة أن الحكومة تحتفظ بمخزون منها ضمن الاحتياطيات الاستراتيجية للبلاد، مثل الغاز الوطني ولقاحات كوفيد-19.
وأعلنت الحكومة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أنها ستطلق 1000 طن من مخزونات الزبدة المجمدة لتثبيت الأسعار.
وصعد سعر الزبدة بنسبة 11.4% بين أوائل نوفمبر/تشرين الثاني وأوائل ديسمبر/كانون الأول في بولندا، وبنسبة 49.2% خلال العام الماضي ليصل إلى ما يقارب من 37 زلوتي بولندي، أو 9 دولارات للكيلوغرام، للأسبوع المنتهي في 8 ديسمبر/كانون الأول، وفقًا للمركز الوطني لدعم الزراعة.
أسباب ارتفاع الأسعار
يقرر بعض المستهلكين أماكن تسوقهم بناءً على سعر الزبدة، ما أدى إلى حروب أسعار بين سلاسل متاجر البقالة التي أبقت الأسعار منخفضة بشكل مصطنع في بعض الحالات على حساب مزارعي الألبان، وفقًا لمديرة غرفة الحليب البولندية، أغنيسكا ماليشفسكا.
وتعتقد ماليشفسكا أن القضايا المحلية، والخاصة بالاتحاد الأوروبي، والعالمية تُفسر تضخم أسعار الزبدة. وتجادل بأن السبب الرئيس هو نقص دهن الحليب نتيجة إغلاق مزارعي الألبان مشروعاتهم في جميع أنحاء أوروبا بسبب ضعف أسواق الربح والعمل الجاد.
كما تُشير هي وآخرون إلى ارتفاع تكاليف الطاقة الناجمة عن حرب روسيا في أوكرانيا كعامل مؤثر في إنتاج الحليب.
ويعتقد الخبير الاقتصادي دزيولسكي أن الجفاف قد يكون عاملًا في انخفاض الإنتاج. وقال إن انخفاض أسعار الحليب العام الماضي أدى أيضًا إلى تثبيط الاستثمارات ودفع منتجي الألبان في الاتحاد الأوروبي إلى إنتاج المزيد من الجبن، ما وفر ربحية أفضل.
وقال دزيولسكي إن تفشي مرض اللسان الأزرق، وهو مرض فيروسي تنتقل عن طريق الحشرات، غير ضار بالبشر ولكنه قد يكون قاتلاً للأغنام والأبقار والماعز، قد يلعب دورًا أيضًا.
وشهدت الولايات المتحدة ارتفاعًا حادًا في أسعار الزبدة في عام 2022، حيث قفز متوسط السعر بنسبة 33% ليصل إلى حوالي 9 دولارات للكيلوغرام على مدار العام، وفقًا لبيانات حكومية. وواجه مزارعو الألبان صعوبات في التعامل مع تكاليف الأعلاف وارتفاع درجات الحرارة.
وانخفضت أسعار الزبدة في الولايات المتحدة في عام 2023 قبل أن ترتفع مجددًا في 2024، لتصل إلى ذروتها عند حوالي 10 دولارات للكيلوغرام في سبتمبر/أيلول.
ومنذ العام قبل الماضي، ارتفعت تكلفة الزبدة بنسبة 44% في المتوسط في إيطاليا، وفقًا لشركة تحليل سوق الألبان (كلال). وإيطاليا هي سابع أكبر منتج للزبدة في أوروبا، وفق تقرير لموقع “فوا نيوز“.
وفي سياق متصل، ارتفع مؤشر أسعار الحبوب بنسبة 1.2% الشهر الماضي، بسبب صعود أسعار القمح العالمية ارتفاعًا طفيفًا، والأرز والذرة.
وأثّرت تقلبات أسعار العملات في حركة الأسعار في الأسواق العالمية، بينما زادت تعديلات سياسات التعريفات الجمركية من حالة عدم اليقين في السوق.
في المقابل، انخفض مؤشر أسعار الزيوت النباتية بنسبة 2.3%، ومؤشر أسعار السكر بنسبة 3.5% مقارنة بشهر مارس.
