الزراعة الدقيقة قد تكون وسيلة العالم للتغلب على ندرة الأراضي

غذاء ومناخ

للتغلب على ندرة الأراضي، وتأثير ذلك في توفير الغذاء، يجب أن تتطور الزراعة لتصبح أكثر كفاءة في استخدام الموارد، لذلك يبرز دور الزراعة الدقيقة المهم، كونها تسمح بإدارة أفضل للمدخلات الزراعية من خلال التقنيات المتقدمة.

وتحرز ماليزيا تقدمًا ملحوظًا في هذا المجال، وفقًا للأستاذ الدكتور داتوك أحمد إبراهيم، من مركز تان سري عمر لسياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، التابع للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، التابع لجامعة كاليفورنيا، إس آي، وهو أيضًا زميل مشارك في مركز أونغكو عزيز لدراسات التنمية، بجامعة مالايا الماليزية.

وكتب إبراهيم مقالًا، اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“، حول أهمية دور الزراعة الدقيقة في توفير الغذاء.

والزراعة الدقيقة هي تلك التي تستفيد من التقنيات لتعزيز الاستدامة من خلال استخدام أكثر كفاءة للأراضي والمياه والوقود والأسمدة والمبيدات الحشرية. وباختصار، يستهلك المزارعون الذين يستخدمون تقنيات الزراعة الدقيقة كميات أقل لزراعة المزيد، ما يقلل التكلفة والأثر البيئي.

وأكد إبراهيم أن الزراعة لا تزال حجر الزاوية في الاقتصاد العالمي، و”هو أمر لا يجادل فيه الكثيرون”، وفق تعبيره.

ويُحدث دمج الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية والروبوتات وتقنية البلوك تشين تحولًا في الزراعة حول العالم. وأضاف أن هذه التقنيات تُعالج قضايا مُلحة مثل الأمن الغذائي، وتغير المناخ، ونقص العمالة، وعدم كفاءة سلاسل التوريد.

الذكاء الاصطناعي والزراعة الدقيقة

يُغيّر الذكاء الاصطناعي قطاع الزراعة من خلال اتخاذ القرارات القائمة على البيانات، والزراعة الدقيقة، والتحليلات التنبؤية. وأوضح الدكتور أحمد إبراهيم أن الأدوات المُدعّمة بالذكاء الاصطناعي تُحلّل البيانات من أجهزة الاستشعار، والطائرات بدون طيار، والأقمار الصناعية لتحسين الري، والتسميد، ومكافحة الآفات، مما يُقلّل من هدر الموارد مع زيادة إنتاجية المحاصيل.

استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الزراعة الدقيقة – الصورة من إنسايد أنماند سيستيمز

ويمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي التنبؤ بأنماط الطقس، وأمراض المحاصيل، ومتطلبات السوق، ما يُساعد المزارعين على اتخاذ خيارات مُستنيرة. كما تُراقب الأنظمة المُدعّمة بالذكاء الاصطناعي صحة المحاصيل، وظروف التربة، والثروة الحيوانية في الوقت الفعلي، ما يُتيح الكشف المُبكر عن المشكلات، وفق مقال إبراهيم.

ولا يزال نقص العمالة يُمثّل مشكلة رئيسة في الزراعة. وتعمل الروبوتات والآلات ذاتية التشغيل المُدعّمة بالذكاء الاصطناعي على سدّ هذه الفجوة، حيث تُؤدّي مهام مثل الحصاد وإزالة الأعشاب الضارة بكفاءة أكبر.

وتُحسّن التكنولوجيا الحيوية من مرونة المحاصيل وإنتاجيتها واستدامتها. وصُمّمت محاصيل الكائنات المُعدّلة وراثيًا لتحمل الجفاف، ومقاومة الآفات، وتوفير قيمة غذائية أعلى، مما يُساعد المزارعين على التكيف مع تغير المناخ.

وتُحسّن تقنيات تحرير الجينات الدقيقة، مثل كريسبر (التكرارات العنقودية القصيرة المتناظرة منتظمة التباعد)، جودة المحاصيل دون إدخال أي حمض نووي غريب، مما يجعلها أكثر قبولاً.

وتحل الحلول القائمة على الميكروبات محل الأسمدة الكيماوية، مما يُقلل من الأثر البيئي ويُحسّن صحة التربة. في الوقت نفسه، تبرز الزراعة الخلوية – أي إنتاج اللحوم ومنتجات الألبان في المختبرات – كبديل لتربية الماشية التقليدية.

وبينما تتصدر الولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين الدول التي تتبنى المحاصيل المعدلة وراثيًا، تُركز أوروبا على حلول التكنولوجيا الحيوية غير المعدلة وراثيًا، مثل تعديل الجينات.

صعود الروبوتات في الزراعة

يجري ضبط عمل الروبوتات على المهام كثيفة العمالة وتُحسّن الكفاءة. ووفقًا للدكتور أحمد إبراهيم، تُقلل الجرارات والحصادات والآلات الزراعية ذاتية القيادة من الاعتماد على العمل البشري مع زيادة الدقة.

وتُستخدم الطائرات بدون طيار لمراقبة المحاصيل والرش والزراعة، وخاصةً في المزارع الكبيرة. وتقوم الروبوتات المُجهزة بالذكاء الاصطناعي بتحديد الأعشاب الضارة وإزالتها، أو قطف الفواكه والخضراوات بدقة عالية.

غير أن محدودية الوصول إلى الإنترنت والبنية التحتية الرقمية تعيق عملية التبني لهذه الوسائل، بينما تُشكل اللوائح الصارمة المفروضة على المحاصيل المعدلة وراثيًا في بعض المناطق عوائق إضافية. كما يجب معالجة المخاوف المتعلقة بخصوصية البيانات، وهجرة الوظائف، والتأثير البيئي.

استخدام طائرات بدون طيار في الزراعة – الصورة من بيرينغ تيبس

ويشهد سوق التكنولوجيا الزراعية العالمي نموًا كبيرًا، مدفوعًا بتزايد الطلب على الغذاء، وأهداف الاستدامة، والتقدم التكنولوجي السريع. وسيكون التعاون بين الحكومات والشركات الخاصة والمزارعين حاسمًا لضمان تكافؤ فرص الوصول إلى المنتجات الزراعية وتبنيها.

وحققت ماليزيا تقدمًا ملحوظًا في مجال الزراعة الدقيقة، لا سيما في الزراعة المنظمة. ومع ذلك، لا يزال تبني هذه التكنولوجيا بين صغار المزارعين محدودًا، وفق المقال المنشور على موقع “توينتي تو“.

موضوعات ذات صلة

  • يونيو 7, 2025
  • 15 views
صناعة الأغذية والزراعة تحتاج زيادة التمويل 12 ضعفا  لتحقيق الأهداف المناخية

غذاء ومناخ خلص تقرير تحليلي حديث إلى أن صناعة الأغذية والزراعة تحتاج تمويلًا يزيد بمقدار 12 ضعفًا عن المستويات الحالية، لتقليل أثرها البيئي بما يتماشى مع أهداف المناخ العالمية، وفق…

Read more

  • يونيو 4, 2025
  • 28 views
قش الأرز وسيلة مزارعي نيبال للحفاظ على المياه في التربة من الجفاف

غذاء ومناخ نجح عدد من مزارعي نيبال من الاستفادة من قش الأرز لمقاومة الجفاف وخفض استهلاك المياه في الأرض الزراعية، ما انعكس إيجابًا على إيرادات تلك المناطق المهمشة. ويأتي ذلك…

Read more

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *