
غذاء ومناخ
تقع صناعة اللحوم في أميركا وكندا في قلب معركة التعريفات الجمركية لرئيس الولايات المتحدة، دونالد ترمب، ويبدو أنها ستكون أكبر المتضررين من هذه المعركة.
ففي الوقت الذي تعتمد فيه أميركا على تصدير لحوم الخنزير إلى كندا، وأيضًا المكسيك، تُعد واشنطن أكبر سوق للحوم البقر وأنواع أخرى قادمة من أوتاوا.
ورغم أن الولايات المتحدة أجلت تطبيق التعريفات الجمركية على الواردات من اللحوم الكندية إلى شهر أبريل/نيسان المقبل، إلا أن شبح الحرب التجارية لا يزال يطارد صناعة اللحوم في أميركا وكندا.
وقد يكون تعليق كندا لواردات لحوم الخنزير من أكبر الشركات الأميركية بمثابة المرحلة الأولى من حرب تجارية طويلة أشعلها ترمب، وفقاً لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.
وقالت الشركة أمس الجمعة 7 مارس/آذار 2025، إن كندا منعت الواردات من أكبر مصنع لمعالجة لحوم الخنزير في الولايات المتحدة، وهو منشأة تديرها شركة سميثفيلد فودز في تار هيل بولاية نورث كارولينا، وفقاً لشبكة “سي إن بي سي”.
ويأتي التعليق في الوقت الذي انخرطت فيه واشنطن وأوتاوا في نزاع ساخن بشأن التعريفات التجارية.
الحيوانات الكندية
تضطر كندا إلى الاعتماد على أميركا لتوفير العديد من الفواكه والخضروات الطازجة، بسبب شتاءها القاسي. كما يربي المزارعون والصيادون عدد كبير من الحيوانات الزائدة عن حاجة بلد يقطنها 41 مليون كندي، لذلك يبيعون للمستهلكين الأميركيين، الذين يمثلون أيضًا سوقًا أكبر بأكثر من 8 أضعاف، وفقًا لـ “بلومبرغ”.
لذلك، تقول مجموعات صناعة لحوم البقر، إنه مع سريان الرسوم الجمركية بنسبة 25% على السلع الكندية، إنهم يتطلعون إلى تنويع أسواق التصدير الخاصة بهم، والمعالجة محليًا بشكل أكبر والدفع لتحسين برامج الدعم الحكومي، وفقًا لـ “غلوب نيوز”.
وهناك علاقة وثيقة بين البلدين في قطاع الماشية، حيث تُربى الحيوانات على الأغلب في كندا، ثم تُرسل إلى أميركا للذبح. وتُعد التعريفات الجمركية أحدث تحدٍ لصناعة تتعامل حاليًا مع مشكلة الجفاف وقوة عاملة متقدمة في السن ورياح معاكسة أخرى طويلة الأجل.

وقال نائب رئيس جمعية مربي الماشية في ألبرتا، كيرتس فاندر هايدن، إن خمس الماشية الجاهزة للذبح في ألبرتا تُصدر إلى أميركا. وأضاف: “خلال أسبوع، تحصل الولايات المتحدة على 10 إلى 12 مليون دولار مباشرة من جيوب منتجي حظائر التسمين في ألبرتا”.
بينما أشار نائب الرئيس التنفيذي لجمعية الماشية الكندية، دينيس لايكرافت، إلى أنه يود أن يرى بلاده تكثف جهودها التسويقية الدولية للحوم البقر الكندية.
وقال: “ينمو الطلب على لحوم البقر أسرع من الإنتاج العالمي. نحن متحمسون جدًا للمستقبل، ولهذا السبب من المحبط جدًا أن نمر بحدث مثل هذا”.
وأضاف أن أعضاء مجموعته موجودون حاليًا في آسيا، ويتطلعون إلى تطوير العلاقات في الأسواق المتنامية مثل اليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام وتايوان. وقال: “لا يمكنك استبدال الولايات المتحدة – إنها أكبر سوق في العالم – لكننا نتطلع إلى حيث يمكننا التنويع”.
تعريفات انتقامية على لحوم الخنزير
فرضت كندا تعريفات جمركية بنسبة 25% على منتجات لحوم الخنزير والدواجن الأميركية المستوردة، مع خطط لتوسيع نطاق التدابير المماثلة لتشمل واردات لحوم البقر في الأسابيع المقبلة.
ويزعم المسؤولون الكنديون أن هذه التعريفات ضرورية لحماية القطاع الزراعي في البلاد من سياسات التجارة غير العادلة التي تعطل علاقة تجارية طويلة الأمد ومفيدة للطرفين.
وكندا واحدة من أكبر المشترين للحوم الخنزير الأميركية. ومع فرض هذه التعريفات الجمركية، قد يلجأ المصنعون وتجار التجزئة الكنديون إلى موردين بديلين، ما قد يعود بالنفع على المنتجين المحليين وغيرهم من المنافسين الدوليين.
ومن المتوقع أيضا أن تفرض المكسيك تعريفات جمركية انتقامية على منتجات اللحوم الأميركية خلال الأيام المقبلة.
والمكسيك هي أكبر مشتر للحوم الخنزير الأميركية، حيث تمثل ما يقارب من 40% من إجمالي الصادرات. وأي حواجز تجارية إضافية قد تعطل سلاسل التوريد بشكل كبير وتجبر المنتجين الأمريكيين على البحث عن أسواق بديلة.
كما أزالت المكسيك مؤخرا جميع التعريفات الجمركية على واردات لحوم الخنزير من الموردين العالميين الآخرين، بما في ذلك البرازيل. وتفتح هذه الخطوة الباب أمام زيادة المنافسة، ما يجعل من الأسهل على المنتجين غير الأميركيين اكتساب موطئ قدم في سوق تهيمن عليه تقليديا صادرات لحوم الخنزير الأميركية.
وقد يؤدي التأثير المشترك لهذه التدابير الانتقامية إلى ارتفاع التكاليف لمنتجي لحوم الخنزير الأميركيين، وانخفاض الصادرات، وزيادة الضغوط السعرية داخل السوق المحلية. ولطالما اعتمدت صناعة لحوم الخنزير الأميركية على كندا والمكسيك كشركاء تجاريين رئيسين، وتهدد هذه التعريفات الجديدة بتعطيل سلاسل التوريد القائمة.

وأعرب قادة الصناعة عن قلقهم بشأن العواقب الطويلة الأجل لتصعيد النزاعات التجارية، محذرين من أن التعريفات الانتقامية قد تؤدي إلى فقدان الوظائف، وانخفاض الربحية، وفقدان حصة السوق لصالح المنافسين العالميين. ومع تمسك كل من كندا والمكسيك بمواقفهما، يظل الوضع متقلبا، وسيقوم أصحاب المصلحة في صناعة اللحوم بمراقبة التطورات عن كثب في الأسابيع المقبلة.
وبالنسبة للمنتجين والمصدرين، ستكون الأولوية الحالية التكيف مع المشهد التجاري المتغير مع البحث عن استراتيجيات بديلة للتخفيف من تأثير هذه التعريفات. وستكون الأشهر المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كانت المفاوضات قادرة على تخفيف التوترات أو ما إذا كانت صناعة لحوم الخنزير في أميركا ستحتاج إلى الاستعداد لاضطرابات تجارية طويلة الأمد، وفقا لموقع “سواين ويب“.