
غذاء ومناخ
تواجه سلاسل إمداد الغذاء مخاطر عديدة في جميع أنحاء العالم بسبب تغير المناخ، والحروب التجارية التي أشعلها رئيس أميركا دونالد ترمب، ما يتطلب إجراءات إصلاحات لضمان المرونة للتعامل معها.
وأشعل ترمب حربًا تجارية، خلال أيامه الأولى في البيت الأبيض، ورغم أنه أرجأ الرسوم المفترض فرضها على الواردات من المكسيك وكندا بنسبة 25% قبل ساعات من سريانها، بعد وعود من البلدين بتأمين الحدود، لكنه فعّلها على الصين بنسبة 10%، ما دفع بكين للرد بالمثل، وفق تقارير عدة اطلعت عليها منصة “غذاء ومناخ“.
ولم يجر الإعلان عن رسوم على الواردات من أوروبا، لكن ترمب أخبر المراسلين أن التعريفات الجمركية على سلع الاتحاد قد تحدث “قريبًا جدًا”.
وقال المسؤول في شركة الاستشارات العالمية للمشتريات وسلسلة التوريد “إيفيكو”، مات ليكستوتيس، إنه رغم تأجيل تطبيق الرسوم على الواردات من المكسيك وكندا لمدة شهر، فمن غير المعروف ما إذا كانت ستدخل حيز التنفيذ الآن في 4 مارس/آذار، أو إذا ما كان ترمب سيستخدمها لانتزاع المزيد من التنازلات.
وأضاف: “حتى لو لم تدخل التعريفات الجمركية حيز التنفيذ، فإن الاحتمالات وحدها تدفع إلى عدم الكفاءة في المشتريات والإنتاج والتوزيع والخدمات اللوجستية، حيث تتحرك الشركات للتحوط من المخاطر وتسريع الشراء وإعادة تقييم علاقات الموردين. التأثير الأوسع؟ ارتفاع التكاليف، والعمليات المعطلة، ومجال اللعب غير المتكافئ حيث تكون بعض الشركات في وضع أفضل للتكيف من غيرها”، وفق “إيه إف إن”.
سلاسل إمداد الغذاء في المملكة المتحدة وإسبانيا
في حين تجد المملكة المتحدة نفسها في وضع حرج حيث تهدد الضغوط الخارجية المختلفة استقرار ومرونة سلاسل إمداد الغذاء الوطنية، حذررئيس حكومة إسبانيا، بيدرو سانشيز، من الحرب التجارية وتغير المناخ.
وقال: “في الحرب التجارية لا وجود لفائزين، فنحن جميعًا خاسرون، ولهذا السبب ستظل إسبانيا دائمًا حريصة على تجنب الحروب التجارية وتصعيد التعريفات الجمركية”. ومع ذلك، صرح بأن حكومة إسبانيا ستكون “حازمة” وستدافع عن المزارعين ومربي الماشية والصيادين وتعاونياتهم”.
جاء ذلك خلال الحفل الختامي لتقديم استراتيجية الغذاء الوطنية “الضرورية والرائدة”، في سان فرناندو دي هيناريس (مدريد)، والتي حضرها أيضًا وزير الزراعة والثروة السمكية والأغذية، لويس بلاناس.
ويأتي ما يقارب من ثلث واردات المملكة المتحدة من الغذاء من الاتحاد الأوروبي فقط، ما يجعلها عرضة لأي اضطرابات في التجارة الدولية. لذلك حذرت لجنة الاستعداد الوطني (إن بي سي) من أن البلاد ليست مستعدة لحجم المخاطر التي تواجهها إمداداتها الغذائية الآن.

وأشارت إلى أن الظروف الجوية القاسية والصدمات الاقتصادية الناتجة عن الأحداث العالمية مثل غزو روسيا لأوكرانيا وجائحة كوفيد-19، فضلاً عن الحواجز التجارية والتوترات الجيوسياسية، تضرب بشكل جماعي البنية التحتية لسلاسل إمدادات الغذاء في المملكة المتحدة. ويضاف إلى هذه التعقيدات ارتفاع أسعار المواد الغذائية، التي أصبحت الآن أعلى بنسبة 25% عن السنوات الأخيرة.
وأوصى تقرير للجنة بالتحول من نموذج اللوجستيات السائد “في الوقت المناسب” إلى استراتيجية أكثر قوة “في حالة الطوارئ”. وتوصي الاستراتيجية باحتياطيات غذائية أكثر صلابة ومرافق تخزين محسنة وسلسلة أكثر ترابطًا بين منتجي الأغذية وتجار التجزئة، وكلها تهدف إلى عزل الأمة عن صدمات السوق المفاجئة وانقطاعات العرض.
وأكد الأستاذ الفخري لسياسة الغذاء في جامعة مدينة لندن والباحث المؤلف لتقرير اللجنة، تيم لانغ، أن الأمن الغذائي لا يتعلق فقط بوجود إمدادات كافية، ولكن أيضًا بضمان القدرة على تحمل التكاليف وإمكانية الوصول: “هناك الكثير من الرضا عن الأمن الغذائي في المملكة المتحدة، والمرونة الغذائية المدنية بالكاد تظهر على الإطلاق في التخطيط المستقبلي”، وفقًا لـ “ساستينبيلتي ماغازين”.
التضخم في أميركا
في بيان صدر مطلع الأسبوع الماضي، قالت غرفة التجارة الأميركية: “إن الرئيس محق في التركيز على المشكلات الرئيسة مثل حدودنا المكسورة وآفة الفنتانيل”. “لكن فرض التعريفات بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية أمر غير مسبوق، ولن يحل هذه المشكلات، ولن يؤدي إلا إلى رفع الأسعار للأسر وقلب سلاسل الإمداد”.
وفي بيان صحفي، أضافت رابطة المنتجات الطازجة الدولية: “أن التطبيق الواسع للتعريفات الجمركية يمكن أن يعطل سلاسل الإمداد، ويهدد توسع السوق، ويزيد من التكاليف بالنسبة للمستهلكين، ويضع ضغوطًا غير ضرورية على المزارعين والمنتجين”، بينما أصدرت رابطة صناعة الأغذية بيانًا، أكدت فيه أن الواردات أمر لا مفر منه إذا أراد المستهلكون الأميركيون توافر بعض الأطعمة الطازجة على مدار العام.
وقالت الرابطة: “مع هامش ربح صافٍ بنسبة 1.6% للبيع بالتجزئة و7.5% لتصنيع الأغذية”، فإن التعريفات الجمركية ستضع “ضغوطًا لا تصدق على أعضائنا .. في وقت يشعر فيه المستهلكون بقلق بالغ بشأن الأسعار”.
وأضافت: “نعلم من التجربة أن المزارعين والمجتمعات الريفية سيتحملون وطأة الانتقام”. وقال اتحاد المزارعين الأميركيين في بيان على موقعه الإلكتروني: “أكثر من 80% من إمدادات الولايات المتحدة من مكون رئيس للأسمدة – البوتاس – تأتي من كندا. تهدد التعريفات الجمركية التي تزيد من أسعار الأسمدة بتوجيه ضربة أخرى لمالية أسر المزارعين الذين يعانون حاليًا من التضخم وتكاليف العرض المرتفعة”.

وقد تواجه صناعة الأغذية والمشروبات ارتفاع التكاليف والاختناقات اللوجستية حيث تعطل التعريفات الجمركية طرق التجارة القائمة. وإذا ردت الصين بقيود الاستيراد الخاصة بها، فقد يواجه المصدرون الأميركيون، وخاصة في القطاع الزراعي، انخفاض الطلب، ما يؤدي إلى تفاقم عدم استقرار سلسلة التوريد، وفقًا لمجلة “نيو فود ماغازين“.
ومع تصاعد التوترات التجارية، ستحتاج الشركات إلى مراقبة التطورات عن كثب وتكييف استراتيجيات التوريد والتوزيع الخاصة بها. وستكون الأشهر المقبلة حاسمة في تحديد التأثيرات طويلة الأجل لهذه التعريفات الجمركية في سلاسل إمداد الغذاء العالمية.