إنتاج القمح والأرز الهندي يتراجع 10% سنويًا بسبب انبعاثات محطات الفحم

غذاء ومناخ

في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار القمح العالمية إلى أعلى مستوى في 3 أشهر في تعاملات اليوم، وبدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تقليص وإلغاء مبادرات دعم صمود المزارعين في بلاده في مواجهة تغير المناخ، كشفت دراسة حديثة أن إنتاج القمح والأرز الهندي يتراجع 10% سنويًا؛ بسبب انبعاثات محطات توليد الكهرباء بالفحم.

أجرى الدراسة باحثون من كلية ستانفورد دوير للاستدامة. ويعد هذان النوعان من الحبوب بالغي الأهمية للأمن الغذائي في الهند، ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم، وموطن ربع جميع الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.

وقال طالب الدكتوراه في البيئة والموارد في كلية دوير للاستدامة، والباحث الرئيس للدراسة، كيرات سينغ: “أردنا أن نفهم تأثير انبعاثات توليد الكهرباء من محطات تعمل بحرق الفحم في الهند في نشاط الزراعة، لأنه قد يساعد ذلك على تحقيق توازن بين تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء من خلال توليد الفحم، والحفاظ على الأمن الغذائي”.

وسعت دراسات سابقة إلى تحديد التكاليف التي يجري تجاهلها لحرق الفحم لتوليد الكهرباء من خلال تقدير عدد الوفيات المرتبطة بالتلوث الناتج. وتستخدم الوكالات الحكومية والمنظمات الأخرى هذه الأرقام، إضافة إلى تقديرات القيمة الاقتصادية للحياة الإحصائية، لفهم تكاليف وفوائد استراتيجيات التنمية الاقتصادية المختلفة واللوائح البيئية.

ورغم ذلك، وحتى الآن، لا وجود لتقديرات الأضرار التي تلحق بالمحاصيل بسبب انبعاثات محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، المسؤولة عن توفير أكثر من 70% من الكهرباء في الهند.

ويأتي ذلك أيضًا على الرغم من أكثر من عقد من الأبحاث التي أظهرت أن ملوثات الهواء مثل الأوزون وثاني أكسيد الكبريت وثاني أكسيد النيتروجين تضر بالمحاصيل.

وقال كبيرا باحثي الدراسة ديفيد لوبيل، وبنيامين م. بيج في قسم علوم نظام الأرض في كلية دوير للاستدامة: “إن إنتاج القمح والأرز الهندي، والمحاصيل بصورة عامة مهم بصورة هائلة للأمن الغذائي والآفاق الاقتصادية في البلاد”.

وأضافا: “لقد علمنا أن تحسين جودة الهواء يمكن أن يساعد الزراعة، لكن هذه الدراسة هي الأولى التي تتعمق في قطاع محدد وتقيس الفوائد المحتملة للحد من الانبعاثات”.

وتابعا: “من النادر أن نجد شيئًا واحدًا – في هذه الحالة، الحد من انبعاثات الفحم – من شأنه أن يساعد الزراعة بهذه السرعة وبنسبة كبيرة”.

خسائر إنتاج القمح والأرز الهندي

زراعة الأرز في الهند – الصورة من كريشي جاغران

قدر باحثو دراسة كلية ستانفورد دوير للاستدامة خسائر إنتاج القمح والأرز الهندي المرتبطة بانبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، باستخدام نموذج إحصائي يجمع بين السجلات اليومية لاتجاه الرياح وتوليد الكهرباء في 144 محطة طاقة في البلاد، ومستويات ثاني أكسيد النيتروجين المقاسة بالأقمار الصناعية فوق الأراضي الزراعية.

ووجد الباحثون أن محطات الطاقة التي تعمل بالفحم أثرت في تركيزات ثاني أكسيد النيتروجين فوق الأراضي الزراعية حتى مسافة 100 كيلومتر (62 ميلاً).

وخلص الباحثون إلى أن القضاء على انبعاثات محطات الفحم من جميع الأراضي الزراعية ضمن هذا النطاق خلال مواسم إنتاج القمح والأرز الهندي الرئيسة (يناير/كانون الثاني-فبراير/شباط وسبتمبر/أيلول-أكتوبر/تشرين الأول)، يمكن أن يعزز قيمة إنتاج الأرز في جميع أنحاء الهند بنحو 420 مليون دولار، والقمح بنحو 400 مليون دولار سنويًا، أي ما يزيد عن 800 مليون دولار لكليهما.

وقالت أستاذة علوم الطاقة والهندسة في كلية دوير للاستدامة، والباحثة المشاركة للدراسة، إينيس أزيفيدو: “إن أي سياسة تركز على الحد من الانبعاثات من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في الهند تتجاهل جزءًا حاسمًا من المشكلة إذا لم تأخذ في الاعتبار الأضرار الناجمة عن تلوث الهواء على الزراعة”.

وكشفت الدراسة أنه في بعض الولايات التي تضم محطات تنتج كميات كبيرة من  الكهرباء من الفحم، مثل تشاتيسجار، تمثل انبعاثات الفحم فيها ما يصل إلى 13-19% من تلوث ثاني أكسيد النيتروجين في المنطقة.

وفي أماكن أخرى، مثل أوتار براديش، تسهم انبعاثات الفحم بنحو 3-5% فقط من تلوث ثاني أكسيد النيتروجين. وتشمل المصادر الشائعة الأخرى للتلوث التي تنتج عن حرق الوقود الأحفوري، عوادم المركبات والصناعة.

فوائد خفض الانبعاثات

يكشف التحليل الذي أجرته الدراسة، أن قيمة الناتج الزراعي المفقود تكون دائمًا أقل تقريبًا من أضرار الوفيات الناجمة عن أي محطة طاقة تعمل بالفحم.

غير أن شدة الضرر الذي يلحق بالمحاصيل لكل غيغاوات/ساعة من الكهرباء المولدة يمكن أن تكون أعلى في كثير من الأحيان. ففي 58 من محطات الطاقة الـ 144 التي خضعت للدراسة، خلص الباحثون أن الأضرار التي تلحق بإنتاجية الأرز لكل غيغاوات/ساعة، أعلى من الوفيات. والشئ نفسه بالنسبة للقمح في 35 محطة، وفق نتائج الدراسة.

وقال ديفيد لوبيل، الذي يشغل أيضًا منصب مدير مركز غلوريا وريتشارد كوشيل للأمن الغذائي والبيئة في جامعة ستانفورد: “من النادر أن نجد شيئاً واحداً ــ في هذه الحالة، الحد من انبعاثات الفحم ــ من شأنه أن يساعد الزراعة بهذه السرعة والقدر الكبير”.

ولم يجد الباحثون تداخلاً يذكر بين المحطات المرتبطة بأكبر خسائر المحاصيل وتلك المرتبطة بأعلى معدلات الوفيات. وهذا يعني أن الفوائد المترتبة على خفض الانبعاثات المحتملة في المستقبل قد تكون أكثر أهمية وأوسع انتشاراً مما كان مفهومًا في السابق.

ووفقًا للباحثين، تسلط النتائج الضوء على “أهمية النظر في خسائر المحاصيل إلى جانب التأثيرات الصحية عند تنظيم انبعاثات الكهرباء من الفحم في الهند”.

إنتاج القمح والأرز الهندي – الصورة من إن دي تي في

وقال كيرات سينغ: “إن السياسات المستهدفة جيدًا لخفض الانبعاثات يمكن أن تؤدي إلى زيادة إنتاج المحاصيل بمقدار آلاف الدولارات لكل غيغاوات/ساعة نظيفة، إضافة إلى جميع الفوائد المناخية والصحية البشرية”، وفق موقع “تكنولوجي نتووركس“.

موضوعات ذات صلة

  • يونيو 7, 2025
  • 15 views
صناعة الأغذية والزراعة تحتاج زيادة التمويل 12 ضعفا  لتحقيق الأهداف المناخية

غذاء ومناخ خلص تقرير تحليلي حديث إلى أن صناعة الأغذية والزراعة تحتاج تمويلًا يزيد بمقدار 12 ضعفًا عن المستويات الحالية، لتقليل أثرها البيئي بما يتماشى مع أهداف المناخ العالمية، وفق…

Read more

  • يونيو 4, 2025
  • 29 views
قش الأرز وسيلة مزارعي نيبال للحفاظ على المياه في التربة من الجفاف

غذاء ومناخ نجح عدد من مزارعي نيبال من الاستفادة من قش الأرز لمقاومة الجفاف وخفض استهلاك المياه في الأرض الزراعية، ما انعكس إيجابًا على إيرادات تلك المناطق المهمشة. ويأتي ذلك…

Read more

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *