
غذاء ومناخ
لم تمر سوى أيام حتى بدأت معاناة المزارعين الأميركيين من آثار نظرة الرئيس الجديد دونالد ترمب لتغير المناخ، والتي حولها سريعًا إلى قرارات قد تدمر كثير من الدعم، الذي حصلوا عليه من سلفه جو بايدن؛ لمواجهة آثار الأزمة المناخية، والتدابير الرامية إلى مكافحتها أو التكيف معها.
ففي مدة حكم ترمب الأولى (2017-2021)، دفن المسؤولون الأبحاث الممولة من الحكومة، والتي أظهرت آثار تغير المناخ في المزارعين الأميركيين، بما في ذلك قضايا مثل الطقس المتقلب وزيادة معدلات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
وفي عام 2019، رفضت وزارة الزراعة الأميركية أيضًا إصدار خطة متعددة الوكالات لمساعدة المزارعين الأميركيين على الاستجابة والتكيف مع تغير المناخ، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.
وفي عهد وزير الزراعة السابق للرئيس جو بايدن، توم فيلساك، أنفقت وزارة الزراعة الأميركية 3.1 مليار دولار على شراكات السلع الذكية مناخيًا، من خلال العمل مع شركات الأغذية الخاصة والمنظمات غير الربحية والجامعات؛ للبحث عن طرق للمزارعين لتقليل بصمتهم الكربونية، وتطوير محاصيل أكثر مرونة واستعادة الأراضي.
وبموجب قانون إدارة الموارد الطبيعية، وجه الكونغرس وزارة الزراعة الأميركية بدفع مليارات الدولارات للمزارعين مقابل ممارسات الحفاظ على البيئة، بما في ذلك بعض الممارسات التي تعالج تغير المناخ. إلا ان الأمر التنفيذي الذي أصدره ترمب في اليوم الأول من وجوده في البيت الأبيض، يهدف إلى وقف مدفوعات الوكالة للمشروعات الكبرى المتعلقة بالمناخ والطاقة والبنية التحتية، وقد يعرّض مليارات الدولارات للخطر في وقت يستعد فيه المزارعون لموسم الزراعة.
حذف صفحات المواقع الخاصة بتغير المناخ
في إشارة إلى ما قد يواجهه المزارعون الأميركيون على مدار السنوات الأربع المقبلة من رئاسة دونالد ترمب، أُمر موظفو وزارة الزراعة بحذف الصفحات المقصودة التي تناقش تغير المناخ عبر الموقع الإلكتروني الخاص بالوكالات، وإخضاع مراجع تغير المناخ لمزيد من المراجعة، وفقًا لرسالة بريد إلكتروني داخلية حصل عليها موقع “بوليتيكو“.
وقد تؤثر التوجيهات الصادرة عن مكتب الاتصالات التابع لوزارة الزراعة الأميركية، والتي أكد صحتها 3 أشخاص، في المعلومات عبر عشرات البرامج بما في ذلك مبادرات الزراعة الذكية مناخيًا، ومراكز المناخ التابعة للوزارة، ومعلومات دائرة الغابات بشأن حرائق الغابات، والتي ربط العلماء تواترها وشدتها بالظروف الأكثر حرارة وجفافًا الناجمة عن تغير المناخ. وهذا الإجراء بمثابة تكرار للخطوات التي اُتخذت خلال إدارة ترمب الأولى لإزالة الإشارات إلى تغير المناخ من مواقع الحكومة الفيدرالية على الإنترنت.
وتدعو رسالة البريد الإلكتروني المرسلة بعد ظهر يوم الخميس 30 يناير/كانون الثاني 2025، مديري المواقع الإلكترونية إلى “تحديد وأرشفة أو إلغاء نشر أي صفحات تركز على تغير المناخ” و”تحديد جميع محتويات المواقع المتعلقة بتغير المناخ وتوثيقها في جدول بيانات” لمراجعتها من قبل المكتب. وحددت موعدًا نهائيًا يوم الجمعة 7 فبراير/شباط 2025، لتسليم العناوين والروابط”.
ويأتي هذا الإجراء في الوقت الذي تظل فيه أموال برامج الطاقة النظيفة والزراعة في حالة من الغموض وسط مراجعة الإنفاق الفيدرالية التي أمر بها مكتب الإدارة والميزانية.

ودفعت إدارة ترمب إلى وقف وعكس الإنفاق من قانون خفض التضخم وقانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف، والذي قدم مليارات الدولارات لإدارة حرائق الغابات واستثمارات الطاقة النظيفة والائتمانات لتخزين ثاني أكسيد الكربون الذي يفيد المجتمعات الريفية التي تخدمها وزارة الزراعة الأميركية.
وحتى يوم الجمعة الماضي، ظلت بعض الصفحات الإلكترونية نشطة، مثل مراكز مناخ وزارة الزراعة الأميركية، وهو جهد مشترك بين الوكالات لمعالجة تغير المناخ والتكيف معه. وظهرت صفحات أخرى معطلة، مثل صفحة شراكات وزارة الزراعة للسلع الذكية مناخيًا.
الطقس المتطرف يدمر المحاصيل
تأتي تعليمات وزارة الزراعة الأميركية الجديدة، في الوقت الذي تتعافى فيه كاليفورنيا من حرائق الغابات التي قد تصل إلى أكثر الكوارث الطبيعية تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة، والتي قال العلماء إن تغير المناخ أدى إلى تفاقمها. وتُعد دائرة الغابات الأمريكية، الوكالة الفيدرالية الأساسية التي تجهز إجراءات الاستعداد لحرائق الغابات والتخفيف من آثارها.
وأوصت وزارة الأغذية والزراعة في كاليفورنيا المزارعين الذين عانوا من خسارة المحاصيل بالبحث في برنامج المساعدة في حالات الكوارث غير المؤمن عليها.
وقامت منظمة فارمونوت، وهي مجموعة تستهدف إيجاد حلول واقعية للمشكلات التي يتعامل معها المزارعون، بتقييم تأثير حرائق الغابات في لوس أنجلوس على الزراعة.
وقالت إن بساتين الأفوكادو فقدت 3500 فدان، وبلغت خسائرها المحتملة 15 مليون دولار، وقدرت وقت التعافي من 24 إلى 36 شهرًا.
وخسرت حقول الكروم 2800 فدان، وفقدت مزارع الخضروات 1200 فدان، وبساتين الحمضيات 2000 فدان، كما وتقلصت مراعي الماشية بنحو 5000 فدان.

كما دمر الطقس المتطرف خلال السنوات القليلة الماضية محصول الخوخ بالكامل في جورجيا، وأغرقت المزارع في ولاية كارولينا الشمالية، وأدى مرض يسمى اخضرار الحمضيات – والذي تفاقم بسبب تغير المناخ – إلى انخفاض حاد في محصول الحمضيات الشهير في فلوريدا.