
غذاء ومناخ
أظهر أحدث تقييم جغرافي أجرته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) ومركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (يونوسات)، بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول 2024 أن الصراع دمر أنظمة الأغذية الزراعية في غزة.
واندلع الصراع بين إسرائيل وقوات المقاومة في غزة، في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد هجوم حماس على إسرائيل، ورد إسرائيل منذ ذلك الحين، والذي دمر معظم مباني ومنشآت القطاع، وبعد اتفاق تسوية قبل أيام توقفت الحرب.
وقال التقييم إن مدى الضرر الذي لحق بالأراضي الزراعية في غزة وصل إلى مستويات غير مسبوقة، وفقًا لبيان تلقته منصة “غذاء ومناخ” اليوم الثلاثاء 28 يناير/كانون الثاني 2925.
ووفق التقييم؛ تضررت أو دُمرت 75% من الحقول المستخدمة في السابق لزراعة المحاصيل، إضافة إلى بساتين أشجار الزيتون، إضافة إلى أن أكثر من ثلثي الآبار الزراعية (1531 في المجموع) لم تعد تعمل، ما أدى إلى شلل نشاط الري.
وبلغت خسائر الثروة الحيوانية 96%، وتوقف إنتاج الحليب تقريبًا، ولم يتبق سوى 1% من الدواجن على قيد الحياة. كما أن قطاع صيد الأسماك على وشك الانهيار، مما يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي.
إصلاح أنظمة الأغذية الزراعية في غزة أولًا
وقالت نائبة المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة، بيث بيكدول: “يجب أن تكون الزراعة في قلب جهود الطوارئ والتعافي. ويجب أن يجمع العمل الفوري بين الإغاثة الطارئة – الغذاء والمياه والمساعدات الطبية – ولكن في الوقت نفسه، استعادة الإنتاج الغذائي المحلي.
وأضافت بيكدول: “أن دعم المزارعين والرعاة والصيادين يضمن الآن الحصول على طعام طازج ومغذي في المستقبل”.
وقبل بدء الصراع، كانت الزراعة تمثل نحو 10% من اقتصاد غزة، حيث كان أكثر من 560 ألف شخص يعتمدون كليًا أو جزئيًا على الزراعة أو الرعي أو الصيد في معيشتهم.
وبلغت صادرات غزة من الزراعة والثروة السمكية 67.3 مليون دولار في عام 2022، وخاصة المحاصيل الطازجة مثل الفراولة والطماطم والخيار والباذنجان والفلفل الحلو والأسماك الطازجة.
ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة، فإن إعادة بناء القطاع الزراعي في غزة ستكون باهظة التكلفة وستستغرق سنوات، إن لم يكن عقودًا.
وأشارت المنظمة إلى أن وقف إطلاق النار هو الخطوة الأولى في تقديم الإغاثة الطارئة وإعادة بناء الأنظمة الغذائية الزراعية في غزة، والإنتاج الغذائي المحلي في القطاع بصورة عامة، حيث يحتاج أكثر من مليوني شخص بشكل عاجل إلى المساعدة بسبب انهيار الإنتاج الزراعي.

وقالت بيكدول: “يوفر وقف إطلاق النار فرصة حاسمة لمعالجة أزمة الغذاء الكارثية في غزة، تمكنا من توصيل المساعدات الطارئة وبدء جهود التعافي المبكر. ولكن هذه ليست سوى البداية لرحلة طويلة للتعافي من الدمار.. سنحتاج إلى السلام المستدام والوصول لتلبية الاحتياجات الهائلة وضمان عدم تخلف أحد في غزة عن الركب”.
وأشارت بيكدول إلى أن منظمة الأغذية والزراعة ملتزمة بضمان الأمن الغذائي على المدى الطويل. وفي الوقت نفسه، ستعطي جهود التعافي الفوري الأولوية لإعادة بناء البنية التحتية الزراعية والغذائية، مثل الصوب الزراعية والآبار وأنظمة الطاقة الشمسية، وتوسيع نطاق تسليم المدخلات الزراعية الحيوية لاستعادة الإنتاج الغذائي المحلي.
وتابعت: “تمثل هذه الإجراءات التكميلية لتعزيز القدرة على الصمود جسرًا بين الأنشطة قصيرة الأجل وتدخلات التنمية طويلة الأجل لمساعدة المجتمعات على إعادة البناء والتعافي من الأزمات، واستعادة الأمل، ودعم الحق في الغذاء”.
وأدى الصراع الذي دام 15 شهرًا إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد لسكان قطاع غزة بالكامل، حيث أصبحت المجتمعات على شفا المجاعة.
مساعي للحصول على 74.5 مليون دولار لمساعدة آلاف المزارعين
في المستقبل القريب، تسعى منظمة الأغذية والزراعة إلى الحصول على 74.5 مليون دولار لمساعدة 154.1 ألف مزارع وراعي، وتوفير المدخلات الزراعية الطارئة والدعم الفني للصيادين والصيادات، على افتراض استمرار الاستقرار الذي يوفره وقف إطلاق النار وتحسين ظروف الوصول والتسليم، من شأنه أن يعيد الكرامة، ويضمن الغذاء المغذي، ويضع الأساس لبنية تحتية مرنة ومعتمدة على الذات في أنظمة الأغذية الزراعية في غزة.
وأشار البيان إلى أن رفع الحظر المفروض على الواردات الخاصة أمر بالغ الأهمية أيضًا لتوسيع نطاق الجهود الإنسانية، وإعادة تنشيط الإنتاج الغذائي المحلي، وضمان إمدادات غذائية متنوعة لتكملة المساعدات الإنسانية. واستئناف الواردات التجارية على نطاق واسع أمر لا غنى عنه للسماح ببدء جهود إعادة التأهيل.
وحتى الآن، قامت منظمة الأغذية والزراعة بتوزيع الأعلاف على ما يقارب من 4800 من مربي الماشية من جميع محافظات قطاع غزة ومجموعات بيطرية لنحو 2400 أسرة من الرعاة.

وفي 23 يناير/كانون الثاني، حملت شاحنتين بنحو 30 طناً من علف الشعير في مصر وفي طريقهما إلى غزة. وخزنت 70 طناً متبقية من الشعير في مصر، في حين أنه من المقرر أن يدخل نحو 2200 طن من مركّز العلف إلى غزة عبر إسرائيل.
كما تقوم منظمة الأغذية والزراعة بشراء صفائح بلاستيكية للصوب الزراعية، ولقاحات، وكتل طاقة، وحظائر بلاستيكية للحيوانات. وتعد هذه الإمدادات بالغة الأهمية لاستعادة إنتاج الغذاء وحماية الحيوانات واستعادة سبل العيش.
واستعداداً للانتقال السلس من حالة الطوارئ إلى إعادة التأهيل والتعافي المبكر وإعادة الإعمار، تجهز منظمة الأغذية والزراعة أيضاً لإعادة تنشيط التنفيذ الميداني للمشروعات التي جرى تعليقها بسبب الصراع. وسيضخ هذا نحو 20 مليون دولار في الاقتصاد المحلي لدعم جهود إعادة تأهيل المزارعين ورعاة الماشية والصيادين من الرجال والنساء.