
غذاء ومناخ
تدمج 33 دولة الاقتصاد الأزرق ضمن عناصر اقتصادها على مستوى العالم، حاليًا، من بينها دولة أفريقية. وتتصدر الصين القائمة، حيث أسهم بنسبة 9% من إجمالي الناتج المحلي عام 2019.
جاء ذلك في ورقة بحثية استعرضها المركز المصري للدراسات الاقتصادية، في ندوة عقدها في القاهرة، أمس الأول الإثنين 20 يناير/كانون الثاني 2025، بعنوان “هل مصر على الطريق الصحيح لتحقيق الاستدامة في اقتصادها الأزرق؟”.
والاقتصاد الأزرق، هو إطار يهتم بموارد البحار والمحيطات والأنهار لتحقيق اقتصاد مستدام. وظهر هذا المفهوم في 2010، لأول مرة، ويتكون من 5 عناصر هي: السياحة الساحلية، والشحن والنقل البحري، والصيد والمزارع السمكية، والصناعات الكيماوية، إضافة إلى الطاقة البحرية المتجددة، وفق الباحث محمود محمد من المركز، في الندوة التي حضرتها منصة “غذاء ومناخ“.
وتمثل السياحة الساحلية ثلاثة أرباع الاقتصاد الأزرق، لكن الطاقة البحرية المتجددة الأسرع نموًا.
وأوضح الباحث أن الاقتصاد الأزرق يواجه تحديات عدة أهمها تغير المناخ بسبب تلوث البيئة والاعتماد على نماذج الاقتصاد التقليدية.
ويمثل 40% من الأمن الغذائي العالمي، كما أنه يوفر 500 مليون وظيفة، وتبلغ قيمته 15 تريليون دولار.
وإضافة إلى الصين بين أبرز الدول التي تدمج الاقتصاد الأزرق في اقتصادها، هناك أميركا وجنوب أفريقيا، حيث يمثل نسبة 3.5% من الناتج المحلي للدولة الأفريقية.
الاقتصاد الأخضر وليس الأزرق
قالت المديرة التنفيذية للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، الدكتورة عبلة عبداللطيف، إن مصر بدأت بشكل قوي في التحدث عن الاقتصاد الأزرق عام 2016 كجزء من خطة التنمية المستدامة. ولدى مصر مزايا ربانية في هذا المجال، تتمثل في سواحل طويلة على البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، إضافة إلى نهر النيل، ومناخ جيد، إضافة إلى مواقع غطس من الأفضل في العالم.
غير أن الإطار المؤسسي متفرق بين جهات عديدة مثل وزارة السياحة والبيئة والري وهيئة قناة السويس ووزارة النقل ووزارة التجارة والصناعة والزراعة. وقالت عبداللطيف: “كل هذه الوزارات ذات علاقة بالاقتصاد الأزرق وتتبعها هيئات أخرى، في حين أن الدول التي ترغب في تعظيم دور الاقتصاد الأزرق تعمل على وجود هيئة أو جهة تجمع كل هذه الأدوار، فكل جهة تعمل على مصلحتها، لكن الرؤية الشمولية لكيفية استفادة البلاد من قدراتها غير متوفرة”.
وأوضحت أن مصر متأخرة خطوات كثيرة عن الخارج، وهناك تركيز على الاقتصاد الأخضر، رغم أن الأزرق جزء منه. كما لا تتوفر بيانات كافية ودقيقة، لذلك لم يستطع المركز حساب نسبة الاقتصاد الأزرق من الناتج المحلي.
وتابعت أن عدم التنسيق ما بين الجهات المختلفة يمثل أخطر العوامل المؤثرة في الاقتصاد الأزرق، موضحة أن هناك عدد من التحديات المرتبطة والتي تؤثر في البيئة مثل الصيد الجائر.

فاقد النقل البحري
تمتلك مصر أسطول بحري كبير يعمل في مجال الصيد البحري، وهو صيد حر، لكن للأسف غير مُحدّث. ويتيح التحديث تنفيذ بعض الإجراءات التشغيلية على ظهر السفينة، وفق رئيس مجلس إدارة شركة “فيش باسكت”، المهندس علي الحداد.
ويمثل خفض الهدر في السلع والبضائع عنصر رئيس في الاقتصاد المستدام بصفة عامة، وهو ما ينسحب على الاقتصاد الأزرق، لذلك هناك ضرورة للحد من الفاقد من التداول في النقل البحري، وفق رئيس مجلس إدارة شركة “النجار للملاحة”، المهندس محمد شيرين النجار.
وأوضح أن نسبة الهدر في القمح المستورد، والذي كان يبلغ 10 ملايين طن سنويًا، كانت تصل إلى 38% في المدة الأولى من الألفية الثانية، لكن عندما تولى خالد حنفي حقيبة وزارة التموين قبل أكثر من 10 سنوات، ركز على خفض الهدر من القمح حتى وصلت نسبته إلى 12%، من خلال بناء صوامع تحفظ هذه السلعة الاستراتيجية من التلف.
وأضاف أن هدر السلع الغذائية في مصر هائل بسبب مشكلات النقل، وعلى سبيل المثال محصول الطماطم، كونها من السلع التي تتلف بسرعة خاصة في فصل الصيف. لذلك تحتاج شركات الملاحة إلى الاعتماد على متخصصين في تعبئة وتخزين المحاصيل وترتيب البضائع في الكونترز، حتى لا تتعرض السلع للتلف، حتى وإن رفع ذلك التكلفة.
وقال: “منظومة النقل البحري في مصر مأساوية”. وأوضح أن من بين أسباب هذا الوضع تعدد الجهات المسؤولة عن الموانئ، والرسوم التي تضطر المراكب لإنفاقها.
وأكد على ضرورة تطوير شامل للمنظومة البحرية، منوهًا إلى ما فعلته الإمارات بهذا الشأن، على أيدي فريق من رجال القانون، كل أفراده من مصر.
بينما أوضح عميد الأكاديمية العربية للعلوم، الدكتور خالد السقطي، أنه لم يعد هناك منافسة بين الدول، ولكن بين سلاسل الإمداد. وقال إن كل مكونات الاقتصاد الأزرق تقريبًا عبارة عن تجارة، و85% من هذه التجارة تتنقل عبر المحيطات والبحار، وهي ما يعادل 11.8 مليار طن سنويًا.
ويرى السقطي أن مصر تستطيع الاستفادة من 70% من هذه التجارة المنقولة عبر البحار والمحيطات بفضل سواحلها الطويلة على البحرين الأحمر والمتوسط. وهناك عنصر مهم يمكن الاستفادة منه في الاقتصاد الأزرق وهو الإنترنت، إذ أن 95% من البيانات والإنترنت يجري من خلال الكابلات البحرية وليس الأقمار الصناعية.

ومن أهم وأكبر الكابلات البحرية في العالم، تلك التي تعبر بالقرب من مصر في البحر المتوسط، ويمكن فتح المجال للاستثمارات للقطاع الخاص المحلي والعالمي وحتى الخليجي في هذا المجال.