حرائق الغابات في لوس أنجلوس تكشف مخاطر استخدام المياه المالحة في مكافحة الحرائق

غذاء ومناخ

سلطت حرائق الغابات في لوس أنجلوس الناجمة عن تغير المناخ، والتي تواصل تدمير البيئة والمباني في كاليفورنيا والمناطق المجاورة، الضوء على أزمة مناخية أخرى، وهي: تسرب المياه المالحة إلى الأراضي الزراعية، وتأثيرها السلبي في إنتاج الغذاء. ولم يستخدم رجال الإطفاء مياه المحيط الهادئ إلا بصورة محدودة، على الرغم من نفاد المياه من صنابير مكافحة الحرائق.

تقع كاليفورنيا ولوس أنجلوس، موطن هوليوود وعدد كبير من أصحاب الملايين والمليارات في أميركا، على ساحل المحيط الهادئ. واستخدام مياه البحر لمكافحة الحرائق قد يبدو وكأنه حل بسيط – فالمحيط الهادئ لديه إمداد لا ينتهي من المياه على ما يبدو. وفي حالات الطوارئ مثل التي تواجهها جنوب كاليفورنيا، غالبًا ما يكون هذا هو الحل السريع الوحيد، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.

وأعاقت إمدادات محدودة من المياه العذبة رجال الإطفاء بعد أيام قليلة من اندلاع حرائق الغابات في لوس أنجلوس بسبب جفاف صنابير مكافحة الحرائق.

لذلك، عندما تكون الرياح هادئة؛ يقوم الطيارون المهرة الذين يقودون طائرات تسمى “سوبر سكوبرز” بسحب 1500 غالون من مياه البحر في المرة الواحدة وإلقائها بدقة عالية على الحرائق، على الرغم من أن العملية قد تكون محفوفة بالمخاطر وسط أمواج المحيط.

حرائق الغابات في لوس أنجلوس وارتفاع مستوى سطح البحر

شرح المدير المساعد للأبحاث في مركز سميثسونيان للأبحاث البيئية التابع لمؤسسة سميثسونيان، باتريك ميجونيجال، لماذا يُعد استخدام مياه المحيط لإطفاء حرائق الغابات في لوس أنجلوس خطيرًا.

والمركز يعمل على اكتشاف الروابط بين النظم البيئية الأرضية والمائية في المنطقة الساحلية، وفق موقعه الإلكتروني.

وقال إن المياه المالحة تؤدي إلى تآكل معدات مكافحة الحرائق وقد تضر بالنظم البيئية، وخاصة تلك مثل الأراضي الشجرية حول لوس أنجلوس التي لا تتعرض عادة لمياه البحر. ويعرف البستانيون أن كميات صغيرة من الملح – المضافة، على سبيل المثال، كسماد – لا تضر النباتات، ولكن الأملاح الزائدة يمكن أن تضغط على النباتات وتقتلها.

وفي حين أن عواقب إضافة مياه البحر إلى النظم البيئية لم تُفهم جيدًا بعد، يمكننا اكتساب رؤى حول ما يمكن توقعه من خلال النظر في آثار ارتفاع مستوى سطح البحر.

وأضاف: “بصفتي عالم بيئة في مركز سميثسونيان للأبحاث البيئية، أقود تجربة جديدة تسمى(تيمبست) وتستهدف فهم كيف ولماذا تتفاعل الغابات الساحلية الخالية من الملح تاريخيًا مع تعرضها الأول للمياه المالحة.

وأشار إلى أن مستوى سطح البحر ارتفع بمعدل 8 بوصات عالميًا خلال القرن الماضي، ما دفع المياه المالحة إلى الغابات والمزارع والأحياء الأميركية التي لم تكن تعرف سابقًا سوى المياه العذبة. ومع تسارع معدل ارتفاع مستوى سطح البحر، تدفع العواصف مياه البحر إلى أبعد من ذلك على الأراضي الجافة، ما يؤدي في النهاية إلى قتل الأشجار وخلق غابات أشباح، نتيجة لتغير المناخ المنتشر في أميركا والعالم.

وخلال التجربة، نضخ المياه المالحة من خليج تشيسابيك القريب إلى خزانات، ثم نرشها على سطح تربة الغابة بسرعة كافية لتشبع التربة لمدة 10 ساعات تقريبًا في المرة الواحدة. يحاكي هذا زيادة في المياه المالحة أثناء عاصفة كبيرة.

ويعمل العلماء في قطعة أرض اختبار حيث تُظهر تجارب المياه المالحة تأثير ارتفاع مستوى سطح البحر على الغابات الساحلية.

خريطة أميركا من أوبراشن وورلد

وأظهرت غاباتنا الساحلية تأثيرًا ضئيلًا من التعرض الأول لمدة 10 ساعات للمياه المالحة في يونيو/حزيران 2022، ونمت بشكل طبيعي حتى نهاية العام.

ثم زدنا مدة التعرض إلى 20 ساعة في يونيو/حزيران 2023، “ولا تزال الغابة تبدو غير منزعجة في الغالب، على الرغم من أن أشجار الحور الزنبقي كانت تسحب الماء من التربة بشكل أبطأ، وهو ما قد يكون إشارة تحذير مبكرة”، وفق الباحث.

إلا أن الحال تغير بعد التعرض لمدة 30 ساعة في يونيو/حزيران 2024، حيث بدأت أوراق الحور الزنبقي في الغابات تتحول إلى اللون البني في منتصف أغسطس/آب، قبل عدة أسابيع من المعتاد. وبحلول منتصف سبتمبر/أيلول، كانت مظلة الغابة عارية، وكأن الشتاء قد بدأ. ولم تحدث هذه التغييرات في قطعة أرض قريبة عالجناها بنفس الطريقة، ولكن بالمياه العذبة بدلاً من مياه البحر.

وقال ميجونيجال: “يمكن تفسير المرونة الأولية التي تتمتع بها غاباتنا جزئيًا بكمية الملح المنخفضة نسبيًا في مياه هذا المصب، حيث تختلط مياه الأنهار العذبة بمياه المحيط المالحة. لقد غسلت الأمطار التي هطلت بعد التجارب في عامي 2022 و2023 الأملاح من التربة”.

الجفاف وملوحة التربة

قال باتريك ميجونيجال، إنه بعد تجربة عام 2024 ضرب المنطقة جفاف كبير، لذلك بقيت الأملاح في التربة حينها، وتعرض الأشجار لفترة أطول للتربة المالحة بعد تجربتنا في عام 2024 ربما تجاوز قدرتها على تحمل هذه الظروف.

وكان تحول أوراق الأشجار من الأخضر إلى البني قبل الخريف مفاجأة، ولكن كانت هناك مفاجآت أخرى مخبأة في التربة تحت أقدامنا.

وعادة ما تكون مياه الأمطار المتسربة عبر التربة صافية، ولكن بعد نحو شهر من التعرض الأول والوحيد لمدة 10 ساعات للمياه المالحة في عام 2022، تحولت مياه التربة إلى اللون البني وظلت على هذا النحو لمدة عامين. يأتي اللون البني من المركبات القائمة على الكربون المتسربة من المواد النباتية الميتة. “إنها عملية تشبه صنع الشاي”.

وتشير تجاربنا المعملية إلى أن الملح كان يتسبب في تشتت الطين والجسيمات الأخرى وتحركها في التربة. ويمكن أن تستمر مثل هذه التغييرات في كيمياء التربة وبنيتها لسنوات عديدة.

في حين أن مياه المحيط يمكن أن تساعد في مكافحة الحرائق، فهناك أسباب تجعل مسؤولي الإطفاء يفضلون مصادر المياه العذبة – بشرط توفر المياه العذبة.

طائرة تجلب المياه من المحيط لإطفاء حرائق الغابات في لوس أنجلوس – الصورة من سنتر أوريجن دايلي

وفي الوقت نفسه، تواجه السواحل الأميركية تعرضاً أكثر اتساعاً وتواتراً لمياه البحر المالحة مع تسارع زيادة درجات الحرارة العالمية وارتفاع مستوى سطح البحر، ما يغرق الغابات والحقول والمزارع، مع وجود مخاطر غير معروفة للمناظر الطبيعية الساحلية، أضاف الباحث، وفقاً لموقع “ذا كونفيرسشن“.

موضوعات ذات صلة

  • يونيو 7, 2025
  • 15 views
صناعة الأغذية والزراعة تحتاج زيادة التمويل 12 ضعفا  لتحقيق الأهداف المناخية

غذاء ومناخ خلص تقرير تحليلي حديث إلى أن صناعة الأغذية والزراعة تحتاج تمويلًا يزيد بمقدار 12 ضعفًا عن المستويات الحالية، لتقليل أثرها البيئي بما يتماشى مع أهداف المناخ العالمية، وفق…

Read more

  • يونيو 4, 2025
  • 29 views
قش الأرز وسيلة مزارعي نيبال للحفاظ على المياه في التربة من الجفاف

غذاء ومناخ نجح عدد من مزارعي نيبال من الاستفادة من قش الأرز لمقاومة الجفاف وخفض استهلاك المياه في الأرض الزراعية، ما انعكس إيجابًا على إيرادات تلك المناطق المهمشة. ويأتي ذلك…

Read more

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *