حرائق الغابات في لوس أنجلوس.. عندما يصبح تغيير استخدام الأراضي مدمرًا

غذاء ومناخ

يحذر العلماء والخبراء من المنظمات والمؤسسات الدولية منذ سنوات طويلة؛ من تغيير استخدام الأراضي. وأشارت خبيرة من منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) إلى أن هذا العامل هو أحد أسباب حرائق الغابات في لوس أنجلوس. فكيف حدث ذلك؟

وأكدت إيمي دوشيل، أن تغير المناخ يؤدي دورًا في زيادة حرائق الغابات في لوس أنجلوس، لكنه ليس العامل الوحيد، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة “غذاء ومناخ“.

وتغيير استخدام الأراضي، هو أي طريقة يقوم بها البشر بتعديل المناظر الطبيعية. ويُعد بعض هذه التغييرات تدميرًا دائمًا، مثل التوسع الحضري.

وقد تستطيع تغييرات أخرى، مثل هجر الأراضي الزراعية، واستعادة الغابات، إصلاح الضرر السابق، لكن في كل الأحوال هي ظاهرة واسعة النطاق. وقالت دراسة صادرة في 2021، إن البشر غيروا نحو ثلاثة أرباع سطح الأرض في الألفية الماضية.

أسباب حرائق الغابات في لوس أنجلوس

قالت مسؤولة الغابات في (الفاو)، ورئيسة فريق الغابات والمناخ، إيمي دوشيل، لـ “فاتيكان نيوز“: “إن هناك سيناريو متغير يجعل الحرائق أكثر كثافة”. ومع ذلك، فإن تغير المناخ ليس العامل الوحيد في حرائق الغابات. إن الطريقة التي تُستخدم بها الأراضي وإدارتها مهمة أيضًا.

ووفق مكتب العلوم لعالم متغير، التابع للحكومة الأميركية، فإن الارتباط بين استخدام الأراضي والمناخ معقد، إذ يؤثر الغطاء الأرضي – كما تشكله ممارسات استخدام الأراضي – في التركيز العالمي للغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي.

في حين أن تغيير استخدام الأراضي هو محرك مهم لتغير المناخ، فإن تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في استخدام الأراضي والغطاء الأرضي. على سبيل المثال، قد يتحول المزارعون من محاصيلهم المعتادة إلى محاصيل سيكون لها عائد اقتصادي أعلى في ظل الظروف المناخية المتغيرة.

وتؤثر درجات الحرارة المرتفعة على الغطاء الجليدي الجبلي والغطاء النباتي، إضافة إلى المياه اللازمة للري. وفهم التفاعلات بين المناخ وتغير استخدام الأراضي يتحسن، “ولكن هناك حاجة إلى مواصلة البحث العلمي”، وفق المكتب الأميركي.

وأضاف أنه مع ارتفاع درجات حرارة سطح الأرض، من المرجح أن تحدث المزيد من حالات الجفاف وزيادة شدة العواصف.

ومع تبخر المزيد من بخار الماء في الغلاف الجوي، يصبح وقودًا لتطور العواصف الأكثر قوة. ويمكن أن يؤدي المزيد من الحرارة في الغلاف الجوي، وارتفاع درجات حرارة سطح المحيط؛ إلى زيادة سرعات الرياح في العواصف المدارية.

قطع الغابات من أسباب تغير المناخ – الصورة من ذا غارديان

تقديرات تغير استخدام الأراضي

أظهر بحث صادر في 2021، أن التقديرات الحالية لتغير استخدام الأراضي قد لا تغطي سوى ربع مداه الحقيقي في جميع أنحاء العالم.

وتُراجع الورقة البحثية، التي نُشرت في مجلة “ناتشر كومينكاشن” التقديرات السابقة لمدى تغيير البشر لسطح الأرض – مثل تدمير الغابات المطيرة الاستوائية.

وتجد أنه عند حساب حالات متعددة من التغيير في المكان نفسه، تغيرت مساحة 720 ألف كيلومتر مربع من سطح الأرض سنويًا منذ عام 1960، وهي مساحة -كما لاحظ الباحثون- “تعادل ضعف حجم ألمانيا”.

وعلى الرغم من زيادة معدلات تغير استخدام الأراضي بشكل مطرد، خلال النصف الأخير من القرن العشرين، إلا أن المعدل العالمي كان يتباطأ منذ عام 2005. ويعزو الباحثون هذا التباطؤ إلى الأزمة المالية في عامي 2007 و2008، والتي افترضوا أنها تسببت في تحولات اقتصادية في الشمال العالمي، وانعكست آثارها في أنحاء العالم.

وعند تلخيص هذه التغييرات “الإجمالية”، يبلغ إجمالي تغير استخدام الأراضي بين عامي 1960 و2019، نحو 43 مليون كيلومتر مربع – أي أقل بقليل من ثلث إجمالي مساحة الأرض.

وزاد معدل تغير استخدام الأراضي العالمي بمقدار الضعف تقريبًا من 17% إلى 32% من سطح الأرض. ويعود ما يقارب من ثلثي هذا التغيير الإجمالي إلى أحداث متعددة.

وتقول المؤلفة الرئيسة للدراسة ومرشحة الدكتوراه في ديناميكيات نظام الأراضي في معهد كارلسروه للتكنولوجيا وجامعة فاجينينجن، كارينا وينكلر، إن دراسة تغير استخدام الأراضي بهذه الطريقة – كتراكم لجميع التغييرات التي تحدث بمرور الوقت، وليس كتغيير صافٍ – يمكن أن تساعد في تفسير انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري المرتبطة باستخدام الأراضي بشكل أفضل.

وبالتالي، وفقًا للتعريفات المستخدمة في المسوحات السنوية لمنظمة الأغذية والزراعة، يرصد الباحثون 6 فئات من استخدام الأراضي: المناطق الحضرية، والأراضي الزراعية، والمراعي، والأراضي العشبية غير المُدارة، والغابات والأراضي ذات الغطاء النباتي المتناثر.

ويقول الباحثون إن هناك العديد من الأنماط البارزة التي تتضح عند النظر إلى أنواع التغيير التي تحدث في أي مكان.

وعلى سبيل المثال، يحدث نحو نصف أحداث التغيير الفردية – أو ما يقرب من 20% من إجمالي التغييرات – بسبب التوسع الزراعي، عبر إزالة الغابات. و 86% من أحداث التغيير المتعددة مرتبطة بالزراعة، وتحدث بشكل أساسي في الشمال العالمي وفي اقتصادات سريعة النمو.

آثار الدمار المترتبة عن حرائق الغابات في لوس انجلوس في إحدى المناطق – الصورة من كاونسل أوف فورين ريلاشن

وفي حرائق الغابات في لوس أنجلوس، والتي قد يكون تغيير استخدام الأراضي أحد أسبابها، أشارت التقديرات إلى أن أكثر من 10 آلاف مبنى قد دُمر أو تضرر في الحرائق الأربعة – باليسيد وإيتون وأوتو وهيرست –  كما تأكد مقتل 25 شخصًا، وأكثر من 12 في عداد المفقودين، واضطر عشرات الآلاف إلى إخلاء منازلهم.

موضوعات ذات صلة

  • يونيو 7, 2025
  • 15 views
صناعة الأغذية والزراعة تحتاج زيادة التمويل 12 ضعفا  لتحقيق الأهداف المناخية

غذاء ومناخ خلص تقرير تحليلي حديث إلى أن صناعة الأغذية والزراعة تحتاج تمويلًا يزيد بمقدار 12 ضعفًا عن المستويات الحالية، لتقليل أثرها البيئي بما يتماشى مع أهداف المناخ العالمية، وفق…

Read more

  • يونيو 4, 2025
  • 28 views
قش الأرز وسيلة مزارعي نيبال للحفاظ على المياه في التربة من الجفاف

غذاء ومناخ نجح عدد من مزارعي نيبال من الاستفادة من قش الأرز لمقاومة الجفاف وخفض استهلاك المياه في الأرض الزراعية، ما انعكس إيجابًا على إيرادات تلك المناطق المهمشة. ويأتي ذلك…

Read more

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *