
غذاء ومناخ
خلص تقييم أجرته هيئة سلامة الأغذية الأوروبية (EFSA) إلى أن بكتيريا “فيبريو” أو “الضمة”، ستزيد في المأكولات البحرية، بسبب ارتفاع حرارة السواحل، وأحوال الطقس غير المنتظمة والمتطرفة مثل موجات الحر.
والضمة، هي بكتيريا تعيش بشكل أساسي في المياه الساحلية البحرية والمناطق المالحة (حيث تلتقي الأنهار بالبحر)، وتزدهر في المياه الدافئة ذات الملوحة المعتدلة، وفق تقرير طالعته منصة “غذاء ومناخ“.
وترتبط تلك البكتيريا بالجروح والتهابات الأذن وتجرثم الدم في الإنسان الذي يعاني من نقص المناعة، والذي يعاني -أيضًا- حروق شديدة .
وفي سبتمبر/أيلول 2023، أصدرت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، تحذيرًا للأطباء من احتمال الإصابة ببكتيريا الضمة Vibrio vulnificus الآكلة للحم.
وخلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب، أبلغت ولايات كونيتيكت ونيويورك ونورث كارولينا عن حالات عدوى أكثر خطورة وفتاكة جرّاء الإصابة ببكتيريا الضمّة Vibrio vulnificus، بسبب ارتفاع حرارة السواحل.
وقيم الخبراء 46 دراسة في 16 دولة أوروبية تغطي 22 عامًا بين 2000 و 2022. ووجدوا بكتيريا الضمة المعروفة بـ “parahaemolyticus ” في 20% في أكثر من 10.6 ألف عينة من المأكولات البحرية التي جرى اختبارها، مع احتواء واحدة من كل 5 عينات إيجابية على سلالات مسببة للأمراض. كما اكتشفوا نوع ” vulnificus ” في نحو 6% في ما يقارب من 3 آلاف عينة من المأكولات البحرية. وقدر الخبراء وجود النوع ” cholera ” بنسبة 4%، وفق الموقع الإلكتروني لهيئة سلامة الأغذية الأوروبية.
حالات في أوروبا
شهد الاتحاد الأوروبي، الإبلاغ عن 32 حالة تفشي ناجمة عن ضمة الميكروبات في المأكولات البحرية من عام 2010 إلى عام 2021، مما تسبب في 221 حالة، تم نقل 57 منها إلى المستشفى. كما تم الإبلاغ عن 75 إخطارًا من نظام التنبيه السريع للأغذية والأعلاف (RASFF) يغطي ضمة الميكروبات في المأكولات البحرية بين عامي 2010 ويناير 2023.
وكشفت الدراسات التي أجريت على الضمة الموجودة في المأكولات البحرية أو تلك المسببة للعدوى المنقولة بالغذاء في أوروبا، عن مقاومة للعديد من المضادات الحيوية المقاومة للميكروبات، بما في ذلك تلك المضادات القوية التي يجري استعمالها كملاذ أخير في العلاج.
وقال العلماء إن الأولوية للبحوث المستقبلية هي إنشاء مسح أساسي على مستوى الاتحاد الأوروبي لضمة الميكروبات في منتجات المأكولات البحرية، بما في ذلك في مراحل الإنتاج الأولية والتجزئة. وقد أوصوا بتطوير تعريف لحالة مرض “الفيبريو” البشري على مستوى الاتحاد الأوروبي، وعد هذا المرض إلزاميًا للإبلاغ عنه.
وقد نُشرت دراسة في مجلة “نيتشر” بعنوان “السيطرة على انتشار الفيبريو فولنيفيكوس في بحر البلطيق من خلال التغذية المفرطة وإدارة ازدهار الطحالب”، وذكرت أن بحر البلطيق هو بحر هامشي شبه مغلق من المحيط الأطلسي يقع في شمال أوروبا، ويبلغ طول ساحله حوالي 8 ألاف كيلومتر ويغطي مساحة 415266 كيلومترًا مربعًا.
وتنتج التدفقات المالحة عبر بحر الشمال تدرجًا جانبيًا للملوحة السطحية بطول 2000 كيلومتر في جميع أنحاء بحر البلطيق، ويتراوح من الملوحة العالية (>25) في منطقة الانتقال في كاتيغات إلى الملوحة المنخفضة (<5) في خليج بوثنيا.

بحر البلطيق
يتميز بحر البلطيق بدورة تشبه مصب النهر بسبب توافر المياه العذبة. وتشمل منطقة الصرف في بحر البلطيق سكانًا يبلغ عددهم حوالي 85 مليون نسمة. وترتفع درجات حرارة سطح البحر السنوية المتوسطة. ومن المتوقع أن يتأثر النظام البيئي بشكل متزايد بالاحترار في العقود المقبلة، وسيواجه مدد طويلة من موجات الحر.
وتؤدي هذه التغييرات إلى نمو البكتيريا المسببة للأمراض من نوع الضمة، حيث جرى الإبلاغ عن زيادة فيها، ومعدلات الإصابة، والحالات المميتة -أيضًا-على طول ساحل بحر البلطيق. ويمكن ربط عدوى البشر الذين يعانون من نقص المناعة بشكل أساسي باستهلاك المحار النيئ أو غير المطبوخ جيدًا، ولكن في بحر البلطيق، تظهر هذه العدوى -غالبًا- في شكل عدوى جلدية ناتجة عن الاتصال المباشر بالمياه المالحة الساحلية. ويرتبط عدد قليل فقط من الإصابات حاليًا بـ” Vibro vulnificus ” في بحر البلطيق، ولكنها عادة ما تكون شديدة، وغالبًا ما تكون مميتة.
وفي عام 2022، نشر المعهد الفيدرالي الألماني لتقييم المخاطر (BfR) -أيضًا- تقييمًا للمخاطر الصحية بشأن حدوث ضمة الجراثيم في الغذاء، والذي قال إن استهلاك المنتجات الغذائية النيئة أو غير المطبوخة بشكل كافٍ هو أحد أهم العوامل المهمة لانتقال العدوى.
وتشير البيانات إلى أن تدابير عديدة مثل المعالجة بالضغط العالي أو التشعيع أو التنقية تقلل من مستويات ضمة الجراثيم في المأكولات البحرية، ولكن الحفاظ على سلسلة التبريد أمر ضروري لمنع نموها.
وتتضمن توصيات المستهلكين التعامل السليم مع المأكولات البحرية وطهيها وتجنب استهلاك المنتجات النيئة أو غير المطبوخة جيدًا، وخاصة للأفراد المعرضين للخطر.
وقد أثّر أكبر تفشي لضمة الميكروبات في المحار النيئ في أستراليا في عام 2021 على أكثر من 250 شخصًا وأدى إلى طلب هيئة معايير الغذاء في أستراليا ونيوزيلندا (FSANZ) معلومات من العديد من البلدان، بما في ذلك تلك الموجودة في الاتحاد الأوروبي، حول ضمة الميكروبات في عام 2022، وفق موقع “فوود سافتي نيوز“.